الجمعة، 5 سبتمبر 2025

تدوير الإرهاب وصراع النفوذ- ريبر هبون

تدويرالإرهاب وصراع النفوذ
*ريبر هبون

تشهد العلاقة بين حكومة الشرع والإدارة الذاتية في شمال شرق سوريا تململاً واضطراباً وعدم جدية في تطبيق اتفاق 10 آذار المبرم بين قائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي ورئيس الحكومة الانتقالية أحمد الشرع ، ولعل أبرز المعوقات في سبيل الوصول لحل هو تركيا الحريصة على عدم حصول الكورد على حقوقهم المشروعة في تطبيق الفيدرالية أو اللامركزية السياسية وهذه رغبة تصطدم مع المشروع الاسرائيلي في أن تكون سوريا عبارة عن أقاليم في الآن ذاته فإن تركيا لا تتفق مع إسرائيل في نقطة دعمها للأقليات أو فكرة اتحاد الأقليات بوجه الحكومة بمعنى أن تشكل كياناً موازياً لها ويهمها من جزئية الأقلية هذه ما يتعلق بالإدارة الذاتية الكوردية، وما يفهم من تصريح رئيس حزب الحركة القومية دولت بخجلي حول تهديد قسد بعملية عسكرية بالتنسيق مع حكومة دمشق إن لم ينفذ اتفاق 10 آذار  هو خشية تركيا  من تنسيق كوردي اسرائيلي يخرج الكورد من لعبة الولايات العثمانية المزمع تشكيلها إلى لعبة تغيير الشرق الأوسط الجديد بزعامة اسرائيل ، وعليه فإن هذا التنازع على النفوذ من شأنه أن يربك مساعي السلام في تركيا وكذلك من شأنه أيضاً إعادة العملية العسكرية التركية إلى الواجهة.

لقد كانت هنالك جولة تفاوضية مزمع عقدها في باريس وجرى إلغاؤها بضغوط تركية على حكومة المركز وجرى أيضاً اجتماع بين قسد وحكومة دمشق في عمان بغية إحداث تقارب  وتحقيق عملية الدمج وهنا يمكن أن نجد تبايناً في تصريحات توم باراك فقد تغيرت حيث باتت ترى في وحدات حماية الشعب كحليف وليس كقوة تابعة ايديولوجياً لحزب العمال الكوردستاني إلى جانب تصريحه بعد أحداث العنف الدموي في السويداء على أن اللامركزية هي الأفضل بالنسبة لسوريا،فما يؤجج الوضع بين قسد وحكومة المركز هو التنافس التركي الاسرائيلي بلا شك ومن مصلحة أمريكا في هذا الصدد الإبقاء على الوضع هكذا بمعنى ضمان عدم التصعيد دون حدوث اتفاق جذري، حيث نجد المناوشات الجارية بين قوات الحكومة السورية وقوات سوريا الديمقراطية على بعض التخوم كنوع
من انسداد في الرؤيتين وعدم الوصول لتوافق ، ولربما يطل سيناريو السويداء هنا حيث ستقوم حكومة المركز بتحريك ورقة العشائر  بوجه قسد لأجل الضغط عليها الأمر الذي سيخلق ثغرات أمنية يطل منها داعش مجدداً
ويأتي تصريح وزارة الدفاع التركية الأخير بوصف قوات سوريا الديمقراطية مهددة لأمنها القومي بمثابة ذريعة لدعم مستقبلي لفصائل ما يعرف بحكومة دمشق ضدها بمعنى آخر جولة أخرى من الصراع وتأزيم الوضع أكثر فأكثر وتأتي تلك الاشتباكات الحاصلة بين فينة وأخرى  لتبث حالة الاستعداد لسيناريو شبيه بسيناريو فزعة العشائر بغية سيطرة الحكومة السورية على المزيد من النقاط التي تتمركز فيها قوات سوريا الديمقراطية ، إذ وفق المعطيات الحالية لا توجد نية لدى الأطراف الاقليمية والدولية في حل النزاع بين قسد وقوات الحكومة سوى ما يتعلق بوقف التصعيد المؤقت.
هذه الحكومة جبهة النصرة سابقاَ والتي كان لها علاقات متينة مع الاستخبارات التركية والتي أوصلتها للسلطة اليوم والتي كانت من استخدمت غاز السارين في الغوطة في  20يناير 2013 واتهمت نظام بشار الأسد به كان الهدف البعيد والمباشر لهذا التنسيق التركي معها هو محاربة أي تجربة كوردية في سوريا أو نظام ديمقراطي للبلد، وفقاً لتقرير ورد من الصحفي التركي جان دوندا  رئيس التحرير السابق لصحيفة جمهوريت،  ووفقاً لهذا فإننا نكاد نستطيع الجزم بأن سوريا مقبلة على مرحلة من اللاستقرار .
تم إعادة تدوير وشرعنة جبهة النصرة في سوريا إقليمياً أي تركياً ومن ثم دولياً لتصبح حالياً الحكومة السورية الجديدة لسوريا ما بعد نظام بشار الأسدـ وما أحداث السويداء وقبلها الساحل إلا جزءاً من خطة تقسيم الكيان السوري ولا بد لأجل رسم خرائط النفوذ بخلط الأوراق والصراع الاقليمي لكن بأدوات ووقود بشرية سورية، إذ أن العلاقة ما بين تركيا وجبهة النصرة حكومة الشرع حالياً عميقة وصميمة  ولن تغيب الفظائع عن سوريا في المدى غير المنظور وهذا من شأنه ان يثير المخاوف بشأن سيناريوهات حرب أهلية تشتعل في أكثر من منطقة لا يخلو من جولات للطيران الاسرائيلي هنا وهناك لضبط الإيقاع.
إن المشهد الراهن بين  الإدارة الذاتية المتمثلة بقوات سوريا الديمقراطية  وحكومة الشرع (أبو محمد الجولاني)، وما يتخلله من تعطيل تركي وصراع إقليمي دولي، ليس سوى انعكاس لصراع أكبر يتعلق بالنفوذ في الشرق الأوسط ومنطلق ذلك الصراع وساحته هي سوريا،. فإعادة تدوير جبهة النصرة وشرعنتها، ومنحها غطاءً إقليميًا ودوليًا، يكشف بوضوح أنّ سوريا تتجه نحو مرحلة جديدة عنوانها تقسيم النفوذ أكثر من أي  دعوة لمشروع وطني جامع. وفي ظل غياب إرادة دولية حقيقية لحل جذري، تبقى جولات التفاوض مجرد محطات مؤقتة لإدارة الأزمة لا أكثر، فيما تستمر القوى الإقليمية باستخدام السوريين وقودًا لصراعاتها. وعليه فإن الخطر الأكبر لا يتمثل فقط في تعطيل الاتفاقات أو في اشتباكات متفرقة هنا وهناك، بل في احتمال انزلاق البلاد إلى حرب أهلية أوسع، تُدار من الخارج وتُنفّذ في الداخل، مع بقاء الطيران الإسرائيلي، والضغط التركي، والتواطؤ الدولي عناصرَ ثابتة في ضبط الإيقاع ورسم الخرائط على حساب استقرار طال أمد انتظاره.
تدويرالإرهاب وصراع النفوذ
*ريبر هبون

تشهد العلاقة بين حكومة الشرع والإدارة الذاتية في شمال شرق سوريا تململاً واضطراباً وعدم جدية في تطبيق اتفاق 10 آذار المبرم بين قائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي ورئيس الحكومة الانتقالية أحمد الشرع ، ولعل أبرز المعوقات في سبيل الوصول لحل هو تركيا الحريصة على عدم حصول الكورد على حقوقهم المشروعة في تطبيق الفيدرالية أو اللامركزية السياسية وهذه رغبة تصطدم مع المشروع الاسرائيلي في أن تكون سوريا عبارة عن أقاليم في الآن ذاته فإن تركيا لا تتفق مع إسرائيل في نقطة دعمها للأقليات أو فكرة اتحاد الأقليات بوجه الحكومة بمعنى أن تشكل كياناً موازياً لها ويهمها من جزئية الأقلية هذه ما يتعلق بالإدارة الذاتية الكوردية، وما يفهم من تصريح رئيس حزب الحركة القومية دولت بخجلي حول تهديد قسد بعملية عسكرية بالتنسيق مع حكومة دمشق إن لم ينفذ اتفاق 10 آذار  هو خشية تركيا  من تنسيق كوردي اسرائيلي يخرج الكورد من لعبة الولايات العثمانية المزمع تشكيلها إلى لعبة تغيير الشرق الأوسط الجديد بزعامة اسرائيل ، وعليه فإن هذا التنازع على النفوذ من شأنه أن يربك مساعي السلام في تركيا وكذلك من شأنه أيضاً إعادة العملية العسكرية التركية إلى الواجهة.

لقد كانت هنالك جولة تفاوضية مزمع عقدها في باريس وجرى إلغاؤها بضغوط تركية على حكومة المركز وجرى أيضاً اجتماع بين قسد وحكومة دمشق في عمان بغية إحداث تقارب  وتحقيق عملية الدمج وهنا يمكن أن نجد تبايناً في تصريحات توم باراك فقد تغيرت حيث باتت ترى في وحدات حماية الشعب كحليف وليس كقوة تابعة ايديولوجياً لحزب العمال الكوردستاني إلى جانب تصريحه بعد أحداث العنف الدموي في السويداء على أن اللامركزية هي الأفضل بالنسبة لسوريا،فما يؤجج الوضع بين قسد وحكومة المركز هو التنافس التركي الاسرائيلي بلا شك ومن مصلحة أمريكا في هذا الصدد الإبقاء على الوضع هكذا بمعنى ضمان عدم التصعيد دون حدوث اتفاق جذري، حيث نجد المناوشات الجارية بين قوات الحكومة السورية وقوات سوريا الديمقراطية على بعض التخوم كنوع
من انسداد في الرؤيتين وعدم الوصول لتوافق ، ولربما يطل سيناريو السويداء هنا حيث ستقوم حكومة المركز بتحريك ورقة العشائر  بوجه قسد لأجل الضغط عليها الأمر الذي سيخلق ثغرات أمنية يطل منها داعش مجدداً
ويأتي تصريح وزارة الدفاع التركية الأخير بوصف قوات سوريا الديمقراطية مهددة لأمنها القومي بمثابة ذريعة لدعم مستقبلي لفصائل ما يعرف بحكومة دمشق ضدها بمعنى آخر جولة أخرى من الصراع وتأزيم الوضع أكثر فأكثر وتأتي تلك الاشتباكات الحاصلة بين فينة وأخرى  لتبث حالة الاستعداد لسيناريو شبيه بسيناريو فزعة العشائر بغية سيطرة الحكومة السورية على المزيد من النقاط التي تتمركز فيها قوات سوريا الديمقراطية ، إذ وفق المعطيات الحالية لا توجد نية لدى الأطراف الاقليمية والدولية في حل النزاع بين قسد وقوات الحكومة سوى ما يتعلق بوقف التصعيد المؤقت.
هذه الحكومة جبهة النصرة سابقاَ والتي كان لها علاقات متينة مع الاستخبارات التركية والتي أوصلتها للسلطة اليوم والتي كانت من استخدمت غاز السارين في الغوطة في  20يناير 2013 واتهمت نظام بشار الأسد به كان الهدف البعيد والمباشر لهذا التنسيق التركي معها هو محاربة أي تجربة كوردية في سوريا أو نظام ديمقراطي للبلد، وفقاً لتقرير ورد من الصحفي التركي جان دوندا  رئيس التحرير السابق لصحيفة جمهوريت،  ووفقاً لهذا فإننا نكاد نستطيع الجزم بأن سوريا مقبلة على مرحلة من اللاستقرار .
تم إعادة تدوير وشرعنة جبهة النصرة في سوريا إقليمياً أي تركياً ومن ثم دولياً لتصبح حالياً الحكومة السورية الجديدة لسوريا ما بعد نظام بشار الأسدـ وما أحداث السويداء وقبلها الساحل إلا جزءاً من خطة تقسيم الكيان السوري ولا بد لأجل رسم خرائط النفوذ بخلط الأوراق والصراع الاقليمي لكن بأدوات ووقود بشرية سورية، إذ أن العلاقة ما بين تركيا وجبهة النصرة حكومة الشرع حالياً عميقة وصميمة  ولن تغيب الفظائع عن سوريا في المدى غير المنظور وهذا من شأنه ان يثير المخاوف بشأن سيناريوهات حرب أهلية تشتعل في أكثر من منطقة لا يخلو من جولات للطيران الاسرائيلي هنا وهناك لضبط الإيقاع.
إن المشهد الراهن بين  الإدارة الذاتية المتمثلة بقوات سوريا الديمقراطية  وحكومة الشرع (أبو محمد الجولاني)، وما يتخلله من تعطيل تركي وصراع إقليمي دولي، ليس سوى انعكاس لصراع أكبر يتعلق بالنفوذ في الشرق الأوسط ومنطلق ذلك الصراع وساحته هي سوريا،. فإعادة تدوير جبهة النصرة وشرعنتها، ومنحها غطاءً إقليميًا ودوليًا، يكشف بوضوح أنّ سوريا تتجه نحو مرحلة جديدة عنوانها تقسيم النفوذ أكثر من أي  دعوة لمشروع وطني جامع. وفي ظل غياب إرادة دولية حقيقية لحل جذري، تبقى جولات التفاوض مجرد محطات مؤقتة لإدارة الأزمة لا أكثر، فيما تستمر القوى الإقليمية باستخدام السوريين وقودًا لصراعاتها. وعليه فإن الخطر الأكبر لا يتمثل فقط في تعطيل الاتفاقات أو في اشتباكات متفرقة هنا وهناك، بل في احتمال انزلاق البلاد إلى حرب أهلية أوسع، تُدار من الخارج وتُنفّذ في الداخل، مع بقاء الطيران الإسرائيلي، والضغط التركي، والتواطؤ الدولي عناصرَ ثابتة في ضبط الإيقاع ورسم الخرائط على حساب استقرار طال أمد انتظاره. 

الجمعة، 15 أغسطس 2025

اللامركزية في مواجهة المركزية- ريبر هبون

اللامركزية في مواجهة المركزية
-ريبر هبون
كاتب وصحفي كوردي من سوريا
اللامركزية السياسية كهدف لا يحيد عنه الكورد في غربي كوردستان و شمال شرق سوريا ،تلتقي اليوم مع رغبة المكونات الأقلوية في سوريا في الساحل والسويداء ويصطدم في ذلك مع حكومة اللون الواحد التي تظهر كحكومة شرعية تفتح أبواب الاستثمار على مصراعيها وتقوم بعدة جولات هنا وهناك إن في روسيا أو في زيارة الشيباني الأخيرة لتركيا لتقوي من موقفها إزاء انفلات فصائلها وارتكابهم للمجازر بالصوت والصورة في السويداء وقبلها في الساحل إذ أقامت لجنة تحقيق على مقاسها لتبرر وجودها كحكومة بمواجهة الفلول وأصحاب المشاريع الانفصالية على حد تعبيرها وتوصيف أبواقها الإعلامية وذبابها الالكتروني.
مما لا شك فيه فإن الحكومة الدينية المتشددة التي يقودها أبو محمد الجولاني "أحمد الشرع" الآن تقتبس من عوائد الحكم التاريخي عبر مبدأ التمكين وهذا المبدأ يستخدم للسيطرة الكاملة من خلال قمع الخصوم وإنهاء التعددية السياسية حيث قامت هنا بتسريح كافة الموظفين من الطائفة العلوية بذريعة أنهم منتفعين على أيام النظام البائد وكذلك قامت بحل كافة الأحزاب وهذا يذكر بفترة نشوء الدولة الأموية فبعد تولي معاوية بن أبي سفيان الحكم قام بإقصاء معارضيه كافة من الخوارج والشيعة، الأمر الآخر قيام سلطة هيئة تحرير الشام بعقد مؤتمر بإشراف حسن الدغيم ووفقه قامت بتعيين رجالاتها من عسكريين وقادة فصائل لإحكام السيطرة على موارد الدولة، مكتفية بوضع بعض من شخصيات كوردية بالاسم في بعض الوزارات لأجل إسكات المنتقدين أو لإظهار الحكومة على أنها تحوي كافة المكونات، وبالطبع فإن كافة مراحل الحكم الديني إن في الحقبة الأموية أو العباسية أو في زمن دولة الموحدين في المغرب والأندلس وحديثاً طريقة وصول حركة طالبان للحكم ما بين 1996 و2001 حيث قامت بدعوى إصلاح المجتمع وتطبيق الشريعة بمنع أي مشاركة سياسية خارج دائرتها نخلص لنتيجة بأن العقلية الإسلاموية لا تقبل الديمقراطية أو التشاركية بتاتاً ونذكر مثلاً في مصر عندما سعى الأخوان المسلمين للسيطرة على مصر في 2012 قامت بأخونة الدولة وإقصاء كافة القوى الأخرى وتكفيرها لهذا وبعد ذكرنا لهذه الأمثلة التي لا حصر لها من التاريخ القديم والمعاصر جداً نصل لنتيجة قطعية أن العقلية الجهادية في الحكم لا تتقن الحنكة السياسية واحتواء المختلف معها، وإنما لا تحيد عن مبدأ استخدام القوة ما استطاعت إلى ذلك من سبيل لحماية السلطة.
اللامركزية السياسية بمواجهة مركزية حكومة دمشق :
إن للمشروعين خلفية إقليمية مفادها طبيعة الصراع ما بين اسرائيل وفرنسا في سوريا إلى جانب النفوذ التركي القطري وكذلك الرغبة السعودية في احتواء حكومة الشرع ، وهذا يفسر بقاء حكومة أبو محمد الجولاني ليكون بمثابة حارس يحول دون عودة النفوذ الإيراني للمنطقة، بالمقابل من ذلك تخوف اسرائيلي من وجود هكذا حكومة بالقرب من حدودها ورغبتها الحثيثة من أن تكون جنوب سوريا منطقة منزوعة السلاح، بالمقابل خشية فرنسية من أن تستأثر تركيا على النفوذ الذي يتزايد في سوريا كون هذه السلطة الجديدة جاءت لتنوب عن سلطة الأسد المخلوع برغبتها وإدارتها إلى جانب تخوف تركيا على نفسها من مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي تقوده اسرائيل بريطانيا والولايات المتحدة في المنطقة الأمر الذي من شأنه أن يزيد من قلقها على تركيا كدولة مركزية يحكمها العرق التركي الواحد منذ أكثر من مئة عام إلى جانب ذلك فإن المجازر التي حدثت في الساحل والسويداء قد عززت من حلف الأقليات التي كانت في البداية رغبة اسرائيلية تم تحقيقها لاحقاً، حيث رسمت إسرائيل سيناريو ذلك التنازع الدموي بين سلطة الأكثرية والأقليات بعد أن دمرت ما تبقى من إمكانيات الجيش السوري في كل مكان وهذا يدل على إبقاء الأسلحة الخفيفة بيد الفصائل لتتقاتل وتكون سوريا هزيلة وضعيفة ومما لاشك فيه فإنها مستفيدة على نحو أو آخر بوجود هكذا وضع تغيب فيه مقومات دولة حقيقية وهذا يفتح الباب على حروب ونزاعات أهلية لا تتوقف وقد تصل للبنان قريباً ببروز ما يعرف بحرب الطوائف ما بين السلطة السنية وباقي المكونات ، فخطاب الحكومة السورية الحالية يحرض على العنف والاحتقان ويجعل سوريا دولة طوائف محتقنة ولا يفلح النظام المركزي في ضبطها وجاء مؤتمر الحسكة ليعبر عن ضعف في الحكومة وعدم قدرتها على الدفع بسوريا نحو الاستقرار بمفردها، ويأتي بالمقابل التدخل التركي في الملف السوري والتلويح بورقة تهديد قسد بعملية عسكرية أو دعم عسكري للحكومة الجهادية من مدخل المذكرة الأمنية التي تم التوقيع عليها إثر لقاء الشيباني بوزير خارجية تركيا هاكان فدان، ومما لاشك فيه فإن المؤتمر لم يعقد إلا بضوء أخضر فرنسي اسرائيلي وربما أمريكي، الأمر الذي استدعى تركيا لتدخل على الخط وتلقت حكومة دمشق منها بمقاطعة المشاركة في مؤتمر باريس المزمع عقده و مهددة لقوات سوريا الديمقراطية.
وجاء تصريح " دم بارتي" ردًا على تصريحات وزير الخارجية التركي هاكان ليحذر من أن أي تدخل عسكري تركي، أو تهديد للمكتسبات الكردية في سوريا، قد يقوّض مساعي السلام بين الدولة التركية وحزب العمال الكردستاني.
إنها رسالة ينبغي أن تُؤخذ بجدية، لأن أي تمادٍ في استهداف الكرد وقوات سوريا الديمقراطية لن يقتصر أثره على الساحة السورية، بل قد يمتد ليضرب الاستقرار داخل تركيا نفسها، وهو ما لا يصب في مصلحة أي طرف إقليمي.
خلاصة :
نجد أن حكومة الجولاني منذ سيطرتها على دمشق بعملية غامضة ومفاجئة "استلام وتسليم" دون أن تشتبك فعلياً مع الجيش أنها كانت تنسق مع اسرائيل والروس وتركيا وأمريكا ، بمعنى آخر جاء ذلك التحرك إثر تفاهمات اقليمية ودولية وأفعالها بعد ذلك من قتل على الهوية في الساحل والسويداء يشير إلى تنفيذها أو دفعها لتقسيم سوريا وإضعافها كدولة وتمزيقها كشعب إلى زمر فصائل وناقمين وضحايا، مما يرتفع صوت المطالبين باللامركزية المعبرة عن استحالة العيش في سقف النظام المركزي القائم منذ أكثر من قرن ، حيث احتكار القرار وإلغاء التعددية والتلاعب بلجان التحقيق وتوظيف الشرعية الدولية لأجل التمكين هو تجسيد للعبة نفوذ مركبة ولاشك أن الدول الاقليمية المتصلة بسوريا إن في الشمال أو الجنوب ليست بمعزل عن أي تهديد يأتي من الداخل.
ونحن هنا أمام احتمالات متعددة منها:
-أن يبقى هذا الوضع لعقد من الزمن حيث حكومة الجولاني متوزعة الولاء ما بين السعودية قطر وتركيا واستنزاف لها دون سقوط.
أو -أن يتم تحييد الجنوب السوري وإبقاءه منطقة منزوعة السلاح، تخضع لرقابة ووصاية اسرائيلية، مقابل تعديل للامركزية بحيث تتوسط اللامركزية الإدارية والسياسية وكبح قسد من خلال تمثيلها الشكلي داخل وزارة الدفاع السورية.
أو -أن تقوم فرنسا بلعب دور أكبر وبارز اسوة بإسرائيل وتركيا وتتولى ملف الأقليات في سوريا بالرغم من معارضة حكومة دمشق وأنقرة وتحفظ تل أبيب.
أو -أن تغامر تركيا مقوضة لعملية السلام الجارية بالقيام بعملية عسكرية أو الدفع بالحكومة السورية بالتركيز على انتزاع شرق الفرات من قسد وإطلاق يد الفصائل وفزعة العشائر مجدداً نحو السويداء والساحل وبذلك يصبح النازحون على الحدود اللبنانية والأردنية و تتراجع كافة المسارات السياسية.
وهنا السيناريو الأخير يقول التالي أنه مالم يحدث الانفجار الهائل في سوريا وتسقط رهانات الحكومة الحالية في حكم مركزي اسلاموي قائم على التمكين لا يمكن لكافة الأطراف الاحتكام للامركزية كخيار وحيد لوقف شلالات الدم على مبدأ أن هذا الوطن لم يعد قائماً إلا بحدود الممكن.

الخميس، 24 يوليو 2025

عملية سلام أم محاولة تهدئة- ريبر هبون

"عملية سلام أم محاولة تهدئة؟!"

*ريبر هبون

إن إعلان وقف إطلاق النار بغية السلام تعود منذ التسعينيات وبدأت بشكل جدي بعد اتفاق أوسلو عام 2006 وتعثره ثم مبادرة إيمرالي عام 2013، من خلال إشراك عبد الله أوجلان كمرجعية سياسية انتهاء باعتباه كبير المفاوضين في عملية السلام الجالية حالياً في تركيا 2025، حيث ثمة في الوقت الراهن قوى فاعلة على مسرح الأحداث والتحولات السياسية كروسيا ، إيران ودول الخليج العربي وبروز محور التطبيع مع اسرائيل.

والدافع الأهم الذي يفرض نفسه بثقله على تركيا والتي تسعى على إثره بعملية السلام هو إنقاذ الاقتصاد التركي حيث تسعى حكومة العدالة والتنمية لفرض نفسها كبديل عن النموذج الأتاتوركي والذي دفعها لتقويض الحزب الجمهوري والزج بأنصاره في السجون والتضييق على أحد خصومه وهو أكرم إمام أوغلو.

مما نصل لخلاصة مفادها أن عملية السلام ليست نتيجة عن تغير العقلية التركية الانكارية بحق الشعب الكوردي وإنما هي مضطرة لذلك بغية تهدئة الداخل وكسب الأصوات الكوردية في العمليات الانتخابية إلى جانب أن تلك الخطوات تعزز من آمالها في الانضمام للنادي الأوروبي.

وأنا أرى أن عدم تبدل العقلية يقوض من مساعي السلام أو يعرقلها ، ومثال ذلك استماتة تركيا الحالية دبلوماسياً لتقويض المكتسبات الكوردية المتحققة في غربي كوردستان  والالتفاف حول مطالب الشعب الكوردي من خلال الضغط على حكومة الجولاني بالعدول عن اتفاق 10 آذار المبرم بين أحمد الشرع وقائد قوات سوريا الديمقراطية الجنرال مظلوم عبدي، ، لا يمكننا تناسي حقيقة المشكلات الأمنية في تركيا بين الدولة العميقة وجهاز الاستخبارات والجيش، فلا يزال الفهم التركي لحل القضية الكوردية هزيلاً ومقتصراً على الاعتراف الثقافي دون السياسي أو الحكم الذاتي للكورد، وكذلك أشير بأن الانقلاب الذي حدث في عام 2016 أضر بالنسيج السياسي ومناخه في تركيا خصوصاً التحالف المبرم بين حزب الحركة القومية وحزب العدالة والتنمية ، كل ما حدث في تركيا إن استعدناه كبانوراما تاريخية يخبرنا أن عملية السلام ليست إلا عبارة عن تهدئة والتفاف حول المطالب الجوهرية الكفيلة بتحقيق الاستقرار والسلام الحقيقي.

أما ما يحدث فهو عبارة عن فرض واقع استسلامي من قبل الطرف المهيمن فعلياً على السلطة، إذ تحاول تركيا الفرار من عزلتها الدولية الخانقة وخوفها من أن تصبح سوريا جديدة.

فالصعود الكوردي في سوريا والعراق يفرض عليها واقعاً جيوسياسياً جديداً يلزمها في القيام بشيء من شأنه إعادة شعبية الحزب الحاكم وإزالة الصراع الداخلي.

كذلك يسعى حزب العمال الكوردستاني من خلال إعلانه بإنهاء الكفاح المسلح واستبداله بالسياسي بإزالة الفجوة بينه وبين الأحزاب الكوردية المتخدة للنضال السياسي وسيلة  لتحقيق حرية الشعب الكوردي، إلا أن الواقع الشعبوي التركي يقول بأنه لا يقبل بوجود أي حل لامركزي سياسي أو فيدرالي من شأنه الاعتراف بالقضية الكوردية أو بوجود شعب آخر اسمه الشعب الكوردي

فهل ستنجح هذه العملية؟!

الواقع يقول استناداً لما مضى بأن تركيا قد تكسب فترة تهدئة من خلال ذلك الدمج أو التغيير الشكلي للدستور إلا أن النجاح الحقيقي لعملية السلام مرتبط حتماً بالاعتراف الدستوري بالهوية الكوردية وتغيير نظام الحكم على أساس الحكم الذاتي اللامركزي.

إلى جانب إطلاق سراح المعتقلين السياسيين وتقديم ضمانات دولية إذ بدون ضمانة دولية لن تنجح اي عملية سلام وفق المعطيات والحقائق التاريخية.

ويبقى السؤال هل تركيا فعلاً مستعدة للخروج من المتاهة القوموية وكتابة عقد اجتماعي جديد بينها وبين القوميات غير التركية أم أن هذه العملية كغيرها عبارة عن تحقيق لمصلحة مؤقتة من بوابة الخطابات الكاذبة؟

قبل البحث عن علاقة التطبيع بين اسرائيل ودول الخليج وكذلك سوريا بهذه العملية، يمكن القول أن عملية السلام التركية ستتقوض تماماً كما المرات السابقة مالم تقترن بخطوات تركية تعكس نيتها بالسلام من خلال المباشرة بإصلاحات دستورية وقانونية في بنيتها  كدولة لاسيما وأن القيادي المؤسس في حزب العمال الكوردستاني جميل بايك هدد بالعودة إلى السلاح مالم تقم تركيا بما يلزم لاستئناف عملية السلام من خلال إطلاق سراح عبد أوجلان وكافة المعتقلين السياسيين وإنهاء كافة أشكال التمييز المفروضة على الكورد.

فالتطبيع الذي يجري بين إسرائيل ودول الخليج وكذلك بين إسرائيل وسوريا من شأنه أن يزيد من عزلة تركيا ويقلص نفوذها حيث تتخوف من التقارب السوري الاسرائيلي الذي يجعلها بدورها تقوم في الدفع بفصائلها داخل الجيش السوري في القيام بأعمال يجعل الحكومة الانتقالية الحالية في موقف حرج خصوصاً من خلال دعم الفصائل المتطرفة وكذلك داعش في القيام بانتهاكات وجرائم  في الساحل السوري والسويداء، لهذا تراقب إسرائيل التحركات التركية وتهدف إلى الحد منها من خلال جعل الجنوب السوري منطقة منزوعة السلاح واستقدام قوات إضافية إليها

وكذلك تسعى تركيا دبلوماسياً من خلال تنسيقها الأمني والسياسي مع عدد من الدول الأوروبية والعربية وكذلك الإقليمية بغية إفشال كل حراك دبلوماسي كوردي من شأنه أن يحقق للكورد دوراً محورياً في القضية السورية على حساب حكومة دمشق التي لا تزال تدين لها بطريقة أو بأخرى،خوف تركيا من خسارة موقعها كدولة اقليمية طموحة في سوريا قد يدفعها لمزيد من التنازل بخصوص عملية السلام مع الكورد  بالتزامن من بروز النفوذ الاسرائيلي في الجنوب السوري ونمو الدور الفرنسي في الملف السوري المرتبط بدعم قوات سوريا الديمقراطية، فلها دور في تأجيل أو إلغاء اللقاء السوري الكوردي المزمع عقده في فرنسا بين وزير خارجية سوريا أسعد الشيباني وبين قائد قوات سوريا الديمقراطية الجنرال مظلوم عبدي، فالتوزيع الاقليمي الجديد في سوريا بين دول الخليج واسرائيل يضطر تركيا للإهتمام بوضعها الداخلي لهذا فهي ماضية في ممارسة ضغوطها الخارجية في عدم حصول الكورد على أي مكسب سياسي وهي بذلك ستبقي على قواتها وستستمر في دعم فصائلها الموالية لها مستفيدة من نقاط الضعف التي جعلت إيران خارج المشهد السوري.

وبناءً على مجمل المؤشرات والمعطيات المتوفرة، يمكن القول إن عملية السلام الراهنة في تركيا لا تنبع من إيمان حقيقي بضرورتها، بل تمثل استجابة اضطرارية لمواجهة رياح التغيير الإقليمي التي قد تعصف بالداخل التركي إن لم تُتخذ تدابير جادّة. ولن تثمر هذه العملية على المدى القريب ما لم تتجاوز تركيا ذهنيتها الإنكارية المتخشّبة تجاه الشعب الكردي وقضيته، وتتجه نحو مسار تصالحي حقيقي يُنهي الأزمات ويصفر المشاكل المزمنة في البلاد.

24.07.2025-ألمانيا
reber.hebun@gmail.com

الاثنين، 21 يوليو 2025

ضد خطاب الكراهية والانتهاكات بحق الأقليات في سوريا ريبر هبون

ضد خطاب الكراهية والانتهاكات بحق الأقليات في سوريا
ريبر هبون
الخطاب ألقي باللغة الألمانية في تظاهرة احتجاجية في مدينة دوسلدورف الألمانية – الأحد- 20 من شهر تموز 2025
Gegen Hassrede und Menschenrechtsverletzungen an Minderheiten in Syrien
Rêber Hebûn
"Diese Rede wurde auf Deutsch gehalten während einer Protestkundgebung in Düsseldorf am Sonntag, den 20. Juli 2025."
أيها الجمهور النبيل، القادم من كل مكان، معبّرًا عن توقه لوطن حر،
أيتها النفوس الممتلئة بالحرية، والمُحبة للسلام والعيش المشترك في وطن ديمقراطي واعد،
لم نجتمع هنا لنلوك الشعارات أو نزيّن الكلام بمعسول العبارات، وإنما جئنا لتلتقي قلوبنا وتسمو نحو الإلفة والود، لنُحيي خطاب التسامح والتعايش المتساوي على أرض وطن خرج من ركام الفوضى والاستبداد والخراب
لوطن نريده مثل أوطان العالم المتحضّر، خاليًا من الظلم والقمع والعنصرية، خاليًا من الأنظمة الشمولية ومن العبودية.
Edles Publikum,
aus allen Himmelsrichtungen versammelt, aus Sehnsucht nach einem freien Heimatland,
Ihr Seelen, erfüllt von Freiheit,liebend den Frieden und das gemeinsame Leben in einem vielversprechenden demokratischen Land.
Wir sind nicht hierhergekommen,um Parolen zu wiederholen oder Worte mit süßen Phrasen zu schmücken,sondern um unsere Herzen zusammenzuführen,um sie zur Verbundenheit und Zuneigung zu erheben,um eine Rede der Toleranz und des gleichberechtigten Zusammenlebens wiederzubeleben auf dem Boden eines Landes, das aus den Trümmern von Chaos, Tyrannei und Zerstörung auferstanden ist.
جئنا لنعبر عن توقنا لأبسط القوانين المنصفة للإنسان، لتلك الحياة التي ننعم بها هنا، والتي سُلبت منا في الأوطان التي قدمنا منها،ومع كل ذلك، لا نزال نؤمن بحقنا في أن نعيش حياةً حرّةً ديمقراطيةً في سوريا، كما نحياها هنا؛ حياة يمكن أن تُشكّل نموذجًا يُحتذى به لبلدان الشرق الأوسط، ولسوريا على وجه الخصوص، بعد عقود من الويلات والظلم الذي طالنا جميعًا.
نقف اليوم معًا، نحن أبناء هذا الشرق المنكوب بالحروب والانقسامات، لنرفع صوتنا عاليًا ضد تصاعد موجات خطاب الكراهية الممنهجة ضد الكُرد وضد قوات سوريا الديمقراطية.
إنه خطاب لا يصدر فقط عن مجموعات معزولة أو متطرفة، بل يجد اليوم غطاءً سياسيًا وإعلاميًا من جهات تدّعي تمثيل الثورة، يعيش أنصارها هنا في كنف الديمقراطية، لكنهم في الوقت ذاته يعتبرون الديمقراطية والنظام اللامركزي أو الفيدرالي خيانة وتقسيماً للبلاد.
ويخرجون، على شاكلة الإسلامويين واليمين المتطرف، لينشروا سمومهم وأحقادهم، ويمجّدوا الشمولية، ويدافعوا عن حكومتهم التي ترأسها، إلى وقت قريب، أبو محمد الجولاني (أحمد الشرع)، المطلوب سابقًا بتهم الإرهاب من قبل الولايات المتحدة الأمريكية.
وكأنّ ذاكرة العالم قصيرة!
Für ein Land,das wir uns wie die Länder der zivilisierten Welt wünschen frei von Unterdrückung, Gewalt und Rassismus,frei von autoritären Systemen und Sklaverei.
Wir sind gekommen, um unsere Sehnsucht auszudrücken nach den einfachsten menschenwürdigen Gesetzen,nach jenem Leben, das wir hier genießen dürfen,und das uns in unseren Herkunftsländern genommen wurde.
Und trotz alledem glauben wir weiterhin an unser Recht, auch in Syrien ein freies, demokratisches Leben zu führen so wie wir es hier erleben;
ein Leben, das als Modell für den Nahen Osten gelten kann,insbesondere für Syrien,
nach Jahrzehnten voller Leid und Unrecht,das uns alle getroffen hat.
Heute stehen wir gemeinsam,wir Kinder dieses vom Krieg und Spaltungen heimgesuchten Ostens,und erheben unsere Stimme gegen die eskalierenden Wellen des organisierten Hasses gegen die Kurd:innen und gegen die Demokratischen Kräfte Syriens (SDF).
Es ist ein Hassdiskurs,der nicht nur von isolierten oder extremistischen Gruppen ausgeht,
sondern heute politische und mediale Unterstützung von jenen erhält, die vorgeben, die Revolution zu vertreten.
Deren Anhänger leben hier unter dem Schutz der Demokratie,betrachten jedoch gleichzeitig Demokratie, Dezentralisierung oder Föderalismus als Verrat und Teilung des Landes.
Sie treten auf,ganz im Stil der Islamisten und Rechtsextremen,verbreiten ihr Gift und ihren Hass,verherrlichen die Totalitarismen und verteidigen ihre Regierung,deren Vorsitz bis vor Kurzem Abu Mohammad al-Julani (Ahmad al-Shara) hatte einst von den USA wegen Terrorismus gesucht.
Als hätte die Welt ein kurzes Gedächtnis!
فها هي الدول وسفاراتها اليوم تسعى للتقرّب منه، وتعامله كـ"رئيس" لكيان خرج لتوه من نصف قرن من استبداد نظام الأسد، الأب والابن، الذي جعل سوريا بؤرةً للفساد والدمار، وشعبها مشردًا في كل أصقاع الأرض.
نُعبر عن استنكارنا لكافة مشاريع الإقصاء والإلغاء، وأشكال الإبادة المفروضة من قبل هذه الحكومة الجهادية المتطرفة
نخاطب هنا الرأي العام الأوروبي، والألماني على وجه الخصوص، لكونه يؤمن بالحرية، ويملك وعيًا عميقًا بأهمية أن تنبع السياسة الخارجية الأوروبية تجاه الشرق الأوسط وسوريا من مبادئ مكافحة الإرهاب الإسلاموي، الذي أصبح خطرًا عالميًا.
هذا الرأي العام يدرك خطورة تنامي التيارات المتطرفة، ونعوّل عليه في ألّا يسمح بإعادة إنتاج الأخطاء، أو بفتح الأبواب أمام قوى الظلام التي خرّبت سوريا.
إن الكُرد، ومعهم قوات سوريا الديمقراطية، قدّموا أثمانًا باهظة في مواجهة تنظيم داعش.
وإن السوريين المؤمنين بقيم التعايش والتعددية والديمقراطية بحاجة إلى دعم كل من يؤمن بالحرية ويقف ضد الإرهاب وخطابات الكراهية والعنصرية.
Denn nun versuchen Länder und Botschaften, ihm näherzukommen
und behandeln ihn wie einen „Staatschef“ eines Gebildes, das gerade erst
aus einem halben Jahrhundert Assad-Diktatur hervorgegangen ist des Vaters wie des Sohnes ,die Syrien zu einem Zentrum für Korruption und Zerstörung gemacht haben
und deren Volk nun auf alle Kontinente zerstreut ist.
Wir verurteilen alle Projekte der Ausgrenzung, Auslöschung und aufgezwungenen Vernichtung,die von dieser extremistischen Dschihadisten-Regierung betrieben werden.
Wir wenden uns hier an die europäische Öffentlichkeit, insbesondere an die deutsche,
denn sie glaubt an Freiheit und besitzt ein tiefes Bewusstsein dafür,dass sich Europas Außenpolitik gegenüber dem Nahen Osten und Syrien
auf die Prinzipien des Kampfes gegen islamistischen Terrorismus stützen muss
denn dieser stellt heute eine globale Bedrohung dar.
Diese Öffentlichkeit erkennt die Gefahr,die vom Wachsen extremistischer Strömungen ausgeht,und wir setzen auf sie,damit sie nicht zulässt,dass Fehler wiederholt werden,
oder dass den Kräften der Dunkelheit,die Syrien ruiniert haben, erneut Türen geöffnet werden.
Die Kurd:innen und mit ihnen die Demokratischen Kräfte Syriens haben im Kampf gegen den IS einen hohen Preis gezahlt.
Und die Syrer:innen,die an Koexistenz, Pluralität und Demokratie glauben,
brauchen die Unterstützung aller,die sich für Freiheit einsetzen und
sich gegen Terror, Hass und Rassismus stellen.
نقولها بوضوح:
الذين يحرّضون اليوم ضد الكُرد وقوات سوريا الديمقراطية لا يمارسون نقدًا سياسيًا، بل يؤسسون لخطابٍ يهدف إلى الإبادة الرمزية والجسدية.
وهم، وتياراتهم في الداخل والخارج، امتدادٌ فكري وتنظيمي لما كان يُعرف بجبهة النصرة وتنظيم القاعدة، والتي تعيد اليوم إنتاج ذاتها بأسماء جديدة، لكنها تحمل الفكر الإقصائي نفسه، والجهادية المتشددة ذاتها، التي لم يسلم من نيرانها لا الكُرد، ولا الدروز، ولا المسيحيون، ولا العلويون، ولا حتى المسلمون السنّة الذين يرفضون خطابها التكفيري
نحن لا ندافع عن فئة بعينها، بل عن مبدأ:
ألا يُستهدف أحد بسبب قوميته أو معتقده أو مكانه الجغرافي.
فالتحريض الممارس اليوم ضد قوات سوريا الديمقراطية تجاوز حدود النقد السياسي، ليصل إلى مستوى نزع الإنسانية، والتحريض على الإبادة، تمامًا كما جرى بحق أقليات عديدة على يد الجماعات المتطرفة، في ظل صمت دولي مخزٍ، وتواطؤ محلي لا يقل خطورة.
Wir sagen es klar und deutlich:
Diejenigen, die heute gegen die Kurd:innen und die Demokratischen Kräfte Syriens hetzen,
betreiben keine politische Kritik,sondern legen die Grundlage für einen Diskurs,der auf symbolische und physische Vernichtung abzielt.
Sie und ihre Bewegungen,im In- und Ausland,sind ideologische und organisatorische Fortsetzungen der ehemaligen al-Nusra-Front und al-Qaida,die sich heute unter neuen Namen neu erfinden,aber denselben ausschließenden, radikalislamischen Geist tragen,
dessen Feuer weder Kurd:innen noch Drus:innen,noch Christ:innen oder Alawit:innen verschont hat .
ja nicht einmal sunnitische Muslim:innen,die ihren takfiristischen Diskurs ablehnen.
Wir verteidigen keine bestimmte Gruppe,sondern ein Prinzip:
dass niemand aufgrund seiner Ethnie, seines Glaubens oder seiner Herkunft
zur Zielscheibe wird.
Die heutige Hetze gegen die Demokratischen Kräfte Syriens hat den Rahmen politischer Kritik längst überschritten.
Sie ist zu einer Entmenschlichung geworden,zu einer Aufstachelung zur Vernichtung
genau wie es vielen Minderheiten durch extremistische Gruppen ergangen ist,
unter beschämendem internationalem Schweigen und ebenso gefährlicher lokaler Komplizenschaft.
أيها الأصدقاء:
أيها المؤمنون بالديمقراطية.
إن مشروع الدولة الديمقراطية التعددية، الذي نحلم به في سوريا، لا يمكن أن يُبنى بخطاب الكراهية، ولا بالإقصاء، ولا بالتحريض الطائفي أو القومي.
هذا المشروع لا يقوم إلا على الاعتراف المتبادل، والعدالة الانتقالية، والحقيقة، والمساءلة، وليس على سياسة الإنكار
نؤمن بضرورة دمقرطة البلاد، ونرفض تكرار تجربة أفغانستان في سوريا.
فخطر الجماعات الإسلاموية يتنامى إذا ما استمرت سياسة شرعنة أطراف ارتكبت المجازر وهددت الأمن العالمي، أطراف خرجت من رحم تنظيمات جهادية مهما غيّرت أسماءها، وتُعرف اليوم بـ"الحكومة السورية" على مرأى ومسمع العالم المتحضّر، دون أن يراجع أحد سياساتٍ تعيد سوريا سنوات إلى الوراء.
فالإرهاب الجهادي لا يعترف بحدود ولا يكتفي بجغرافيا واحدة.
إن الكُرد، كما سائر مكونات سوريا، لم يأتوا من وراء الحدود، بل هم جزء أصيل من نسيج هذا الوطن
كما أنهم جزء من شعوب الدول التي اقتُطعت منها كوردستان منذ اتفاقية سايكس بيكو 1916 (تركيا، العراق، إيران)
وقد دفعوا أثمانًا باهظة دفاعًا عن وجودهم وعن قيم الحرية
وأثبتوا للعالم عبر الزمن أنهم دعاة سلام وعدالة وأخوة.
وكذلك فعلت قوات سوريا الديمقراطية، حين واجهت داعش، وتكوّنت من مختلف المكونات السورية: كُرد، عرب، سريان، أرمن، آشوريين، وتركمان
قاتلوا الإرهاب نيابة عن العالم، وكانوا شركاء حقيقيين في التحالف الدولي، وأثبتوا أنهم مشروع وطني واعد، مدافع عن الإنسانية وقيمها.
نرفع اليوم صوتنا، لا استنجادًا، بل توثيقًا لما يجري:
نشهد العالم على صمت يتواطأ مع الحقد، وعلى خطاب يعيد إنتاج العنف، وعلى تحريض يُغذي الانقسام
نقولها بضمير حيّ:
فلنقف اليوم وغدًا، معًا،
مع الحرية ضد القمع مع التعددية ضد العنصرية
مع العيش المشترك ضد الكراهية،
ومع سوريا لكل أبنائها، بلا استثناء، بلا تمييز، بلا تحريض، ولا انتقام
Liebe Freund:innen,Verteidiger:innen der Demokratie,
Das Projekt eines demokratischen, pluralistischen Syriens,von dem wir träumen,
kann nicht auf Hassreden gebaut werden,nicht auf Ausgrenzung,nicht auf religiöser oder ethnischer Hetze.
Dieses Projekt kann nur bestehen durch gegenseitige Anerkennung,
Übergangsjustiz,Wahrheit und Rechenschaft nicht durch die Politik der Verleugnung.
Wir glauben an die Notwendigkeit,das Land zu demokratisieren,
und lehnen eine Wiederholung des afghanischen Szenarios in Syrien ab.
Die Gefahr islamistischer Gruppen wächst,wenn weiterhin Gruppen legitimiert werden,
die Massaker verübten und die globale Sicherheit bedrohten Gruppen, die aus dem Schoß dschihadistischer Organisationen hervorgingen,und die sich heute ungeachtet ihrer neuen Namen als „syrische Regierung“ präsentieren,unter den Augen der zivilisierten Welt,ohne dass irgendjemand die Politik hinterfragt,die Syrien Jahrzehnte zurückwirft.
Denn der dschihadistische Terrorismus kennt keine Grenzen und begnügt sich nicht mit einem einzigen geografischen Raum.
Die Kurd:innen,wie alle syrischen Bevölkerungsgruppen,sind nicht von außen gekommen –
sie sind ein fester Bestandteil des Landes.
Sie sind ebenso Teil jener Völker,die seit dem Sykes-Picot-Abkommen 1916
aus Kurdistan herausgerissen wurden (Türkei, Irak, Iran).
Sie haben hohe Opfer gebracht für ihr Dasein und ihre Werte der Freiheit.
Und sie haben der Welt immer wieder bewiesen,dass sie für Frieden, Gerechtigkeit und Brüderlichkeit stehen.
Auch die Demokratischen Kräfte Syriens haben das gezeigt,als sie gegen den IS kämpften
zusammengesetzt aus Kurd:innen, Araber:innen, Suryoye, Armenier:innen, Assyrer:innen und Turkmen:innen.
Sie kämpften gegen den Terrorismus im Namen der Welt,waren echte Partner der internationalen Koalition und bewiesen, dass sie ein vielversprechendes nationales Projekt sind,das die Menschlichkeit und ihre Werte verteidigt.
Heute erheben wir unsere Stimme nicht aus Hilflosigkeit, sondern um zu bezeugen:
Wir sind Zeugen einer stillschweigenden Komplizenschaft mit dem Hass,eines Diskurses, der Gewalt neu auflegt,einer Hetze, die Spaltung nährt.
Wir sagen es mit wachem Gewissen:
Lasst uns heute und morgen zusammenstehen für die Freiheit gegen die Unterdrückung,
für die Vielfalt gegen den Rassismus,für das gemeinsame Leben gegen den Hass,
für ein Syrien für alle ohne Ausnahme,ohne Diskriminierung,ohne Hetze,
ohne Rache.
إن الطائفتين العلوية والدرزية اليوم تواجهان محنة دائمة، إذ قُتل أكثر من 2000 علوي، ولا تزال الانتهاكات ضدهم مستمرة.
تسعى هذه الحكومة إلى تهجيرهم من مناطقهم، وتواصل عمليات الخطف ضد النساء والأطفال دون رادع.
وكذلك تُمارس الانتهاكات بحق الدروز، والمسيحيين، بتفجير الكنائس، ونشر منشورات تحرّض على قتلهم، واعتبار الأقليات الدينية خطرًا على وجودها.
فلنقف جميعًا، اليوم وغدًا، مع قيم الحرية والعدالة والكرامة.
ولنقل "لا" لكل أشكال التحريض على الكُرد، كما نقولها ضد أي تحريض على أي مكوّن آخر في سوريا
عاشت سوريا ديمقراطية لا مركزية
لا للتطرف الإسلاموي الطائفي
لا للانتهاكات والجرائم بحق العلويين والدروز والمسيحيين
عاش نضال الشعوب من أجل الكرامة
ولا للكراهية… نعم للتعايش والسلام
Die alawitische und drusische Gemeinschaft
erlebt heute ständiges Leid:
Über 2000 Alawit:innen wurden getötet,und die Übergriffe gegen sie dauern an.
Diese Regierung zielt auf ihre Vertreibung,setzt ihre Entführungen von Frauen und Kindern fort ohne jede Abschreckung.
Auch gegen die Drus:innen und Christ:innen werden Verbrechen verübt:
Kirchen werden gesprengt,Aufrufe zu ihrer Ermordung verbreitet,
religiöse Minderheiten als Bedrohung deklariert.
Lasst uns heute und morgen gemeinsam für die Werte von Freiheit, Gerechtigkeit und Würde einstehen.
Lasst uns „Nein“ sagen zu jeglicher Hetze gegen Kurd:innen so wie wir sie auch gegen jede andere Gruppe in Syrien verurteilen.
Es lebe ein demokratisches, dezentrales Syrien.
Nein zum sektiererischen Islamismus.
Nein zu den Verbrechen an Alawit:innen, Drus:innen und Christ:innen.
Es lebe der Kampf der Völker für Würde.
Nein zum Hass – Ja zum Zusammenleben und Frieden.
ريبر هبون- Rêber Hebûn
20.07.2025

الثلاثاء، 24 يونيو 2025

هدنة أم حرب مؤجلة- ريبر هبون

(هدنة أم حرب مؤجلة)

*ريبر هبون

 

تعتبر الضربة الأمريكية الأخيرة على مواقع فورد ونطنز وأصفهان بمثابة دخول مباشر للحرب إلى جانب  اسرائيل ولا شك أن تلك الضربات النوعية هو لأجل ثني إيران عن مواصلة رغبتها ونشاطها في حيازة قنبلة نووية.
وإن تمادي إيران في تخصيب اليورانيوم والذي بلغت نسبته أكثر من 50 بالمئة يشكل تهديداً مباشراَ وواضحاً لإسرائيل والمنطقة ويمثل عقبة حقيقية بوجه مشروع التغيير في الشرق الأوسط ومما لا شك فيه فإن تركيا هي المتضررة بعد إيران من جراء ذلك المشروع لهذا نجدها تندد على الدوام بالهجمة الاسرائيلية على إيران، ولا يمكننا التغاضي عن العزم غير المعلن في تغيير النظام الإيراني من خلال إضعافه وتدمير قدراته بدء من استهداف بناه التحتية النووية وعليه فإن أمريكا هي شريكة اسرائيل في تلك الحرب وأتوقع أن تسعى إيران بكل قوة لتهديد اسرائيل ومواصلة الهجوم عليها لتخرق كل هدنة أو  وقف لإطلاق نار تعلنه أمريكا من جانبها.

حيث يعتبر الرد الإيراني على الهجمات الأمريكية المركزة على منشأتها النووية بمثابة نقطة تحول حتى ولو قامت إيران بإعلام الولايات المتحدة الأمريكية بعزمها في تنفيذ الرد وبشكل مبكر  فإن ذلك يعتبر بمثابة رسالة تحذيرية من قبل إيران مفادها جاهزيتها على تهديد أمن الجوار مثل دولة كقطر فالرسالة التحذيرية هنا هو المقصد من تلك الضربات الصاروخية الإيرانية على قاعدة العديد الأمريكية دون وقوع أضرار أو إصابات تذكر، وعن إعلان ترامب لتلك الهدنة المفترضة فإنها تتسم بهشاشتها ولاسيما أن الهدن في هذه الحالة هي بمثابة وقت لاسترداد الأنفاس ونقل المعدات لشن أو للاستعداد لهجمات أخرى من كلا الطرفين، حيث لا يمكن إنهاء التهديد الوجودي على إسرائيل والمنطقة إلا بإسقاط النظام ووضع بديل مرضي إسرائلياً أمريكياً وأوروبياً وكذلك إقليمياً وللشعوب الإيرانية كافة ، حيث لا يمكن لطبيعة العقلية التي بني عليها النظام الإيراني الثوروإسلامي بأن تسمح بتمرير مشروع الشرق الأوسط الجديد على حساب مشروعها الذي تم ضربه من خلال وكلاءها في الدول المجاورة كلبنان واليمن والعراق وسوريا، أي أنها ونظام أردوغان التركي يسعيان لعرقلة هذا المشروع حيث يسعى أردوغان هنا للإستفادة من تأثير أوجلان النفسي على أنصاره ونسبة من الكورد لإبعاد الكورد من الاستفادة من التغييرات التي تقوم بها اسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة مقابل امتيازات ومنافع سلطوية وإغراءات مرتبطة بها حيث لم تقدم تركيا لغاية اللحظة على أي خطوة من شأنها حل القضية الكوردية ، ورؤيتي تقول أن إبعاد الكورد أو استغباءهم غير ممكنة في هذه اللحظة حيث وضعت الولايات المتحدة الأمريكية يدها في يد قوى كوردية فاعلة ووازنة في المنطقة مهما حاولت الاستخبارات وماكينة الإعلام التركي الترويج لما يسمى بالبعبع الإمبريالي الامريكي أو الاسرائيلي حيث الجميع منخرط في هذا المشروع ويساهم فيه بنسبة أقل أو أكبر ذلك يتوقف على المعطيات والمستجدات المتسارعة والجديدة.

فتركيا دولة متضاربة المصالح مع اسرائيل وفي الآن ذاته تخشى على إيران من التفكك وتحاول بشتى الوسائل إبعاد  نفسها عن نير المعادلات الاقليمية الجديدة حيث ستلجأ إسرائيل في المدى غير المنظور لإنشاء تحالف فيما بينها والخليج وقد يكون هذا التحالف مرة أخرى على حسابها

لقد استطاعت الضربات الاسرائيلية حتى الآن بإضعاف الحرس الثوري من خلال سلسلة اغتيالات حساسة وجوهرية وكذلك فإنها تعمل باستمرار على زعزعة الارتباط الشعبي بالنظام الإيراني الأمر الذي يفتح الطريق أمام بروز حراك داخلي غير مسبوق وهذا ما يمكن عده نوعاً من الاستنزاف المركز لقدرة النظام في إيران على الصمود بوجه التغيير.

لقد تم توجيع الإيرانيين بهذه الضربات ولا أتوقع امتثالاً للهدنة بعد 12 يوماً من الصراع الجوي المتواصل حيث لا تزال تراهن إيران على قدراتها الصاروخية في ضرب البنية التحتية الاسرائيلية حيث تعتقد أن ذلك سيعمل على تقويض حكومة نتنياهو وتعجيل النقمة الشعبية على حكمه

إن الهدنة بمثابة حرب مؤجلة إلى حين وبلا ريب فقد وصلت الأطراف المعنية بالشأن الاقليمي والدولي إلى نقطة مفادها أن بقاء النظام الإيراني بشكله الحالي تهديد للمنطقة ولابد من المضي بهذا المشروع إلى نهايته دون تسويف ومماطلة وبكلفة اقتصادية أقل ومن بوابة المعارضة الإيرانية حيث لم يعد الكورد مجرد أداة تغيير في المنطقة بل لاعب جديد وموثوق به وموالي للمصالح الغربية والاسرائيلية في المنطقة.

الأحد، 25 مايو 2025

إضاءة نقدية حول رواية الزلزال للكاتب ريبر هبون بقلم الناقد الكوردي إبراهيم اليوسف

إضاءة نقدية حول رواية الزلزال للكاتب ريبر هبون
  بقلم الناقد الكوردي إبراهيم اليوسف
صدر الزلزال عن دار لوتس للطباعة والنشر والتوزيع – مصر
الكتاب من القطع المتوسط عدد صفحاته 217
تأتي باكورة الأعمال الإبداعية الروائية للشاعر والناقد ريبر هبون – الزلزال – كأحد الأعمال السردية الأولى التي سلطت الضوء على كارثة طبيعية لا تزال صورتها ، أصداء صرخات الضحايا تتردد في آذاننا ، ولا يزال المشهد ماثلاً في أعيننا جميعاً بعد أن هزت ضمائرنا، ووجدنا أنفسنا- وإن كنا بعيدين عن موطن الكارثة أو قريبين – عاجزين عن فعل أي شيء.
هذه الانطباعات السريعة التي أرصدها هنا تذهب أبعد من حدود هذا الرصد الأولي لأنها تلامس تأثيرات الطبيعة على الإنسان والمجتمع.
يخيل إلى القارىء أن رواية الزلزال للشاعر والروائي ريبر هبون لم تكتب كي تتناول كارثة جيولوجية، فحسب، لكنها في الحقيقة تعيد رسم خرائط الألم الكردي بأدوات الأدب ووعي المأساة.
 إذ إنه منذ اللحظة الأولى، يدرك هذا القارئ أنه ليس أمام عمل روائي تقليدي يرصد آثار زلزال ضرب مدن كردستانية متوزعة بين الجنوب التركي والشمال السوري، بل أمام تجربة سردية كثيفة، توثّق وتُدين وتُفكّك، تكتب عن الركام لتكشف ما تحته، وتحفر في باطن الأرض والإنسان في آنٍ معًا.
تندرج الرواية في حقيقتها ضمن أدب الكوارث، لكنها تذهب أبعد من ذلك، صوب كوارث أعمق وآلم، وهي تنحرف عنه بطريقتها الخاصة.
 إذ لا تكتفي فقط بنقل صور الدمار والانهيار، بل تحوّل الزلزال من حدث طبيعي إلى استعارة شاملة عن الانكسار الجمعي الذي يعانيه الكرد كهوية ووجود.
تدور الأحداث في مناطق حقيقية كـ"عفرين، جنديرس، جنديرس، مرعش، "هاتاي"، ديار بكر"، وهذه المدن ليست فقط مسرحاً للأحداث، بل تتحوّل إلى شخوص تنزف وتئن وتُسحق تحت أقدام التجاهل والنفاق السياسي والطائفي.
إنها رواية عن زلزال واقعي، محدد، مسمى، لفت أنظار العالم برمته، لكن الزلزال الحقيقي، كما توحي الرواية، ليس في الأرض، بل يكمن ويغوص في الضمير.
يركز ريبر هبون على الفرد العادي، الكردي الهامشي الذي لا يظهر في نشرات الأخبار، ولا في تقارير الإغاثة.
شخصية "أبو بروسك"، الأب الذي يبحث بين الركام عن أولاده، تتكرّر كصورة للإنسان الذي لم يفقد فقط أبناءه، بل فقد وطنه، صوته، كرامته.
 حميدة، تلك المرأة التي ارتمت فوق شجرة تحتمي بها من سقوط الكون، ليست مجرد ناجية، بل رمز للأرض الكردية التي تصرّ على الحياة رغم الخوف والتهميش. لزكين وبيكس، هما اختزال للأمل المكبوت، والحب الذي لا تمنحه الحياة فرصة، لكنه يُصرّ أن يُعبّر عن نفسه ولو برسالة في جيب جثة
-شخصيات في وجه الكارثة والغياب:
يحضر لزكين وبيكس في الرواية كوجهين شابين لحالة كردية مقموعة، هشّة، تحاول أن تُبقي على كرامتها في وسط زلزال واقعي ومجازي معاً.
لا يقدَّم الاثنان كأبطال نمطيين، بل كشخصيتين تنبض داخلهما مأساة مزدوجة: الأولى هي المأساة العامة التي أصابت المكان والناس، والثانية هي الغربة الوجدانية التي تركها الحب، الفقد، والوحدة
بيكس يبدو على تماس مباشر مع الزلزال لا فقط بوصفه حدثًا طبيعياً، بل كرمز داخلي يضرب في قلب ذاكرته.
حين يتأمل الفاجعة، لا يرى فقط الركام، بل يرى وجه زيلان الفتاة التي تعرفت عليها في الجامعة، قبل أن تنقطع السبل بها. علاقة بيكس بزيلان ليست مدفوعة إلا عن حاجة لوجود رابطة أشبه بالأخوة، زيلان تمثّل في الرواية جزءًا من بيكس الذي ضاع، أو بالأحرى، لم يُسمح له أن ينضج.
أما لزكين، فيعيش على وقع غياب "رونيا"، التي تبدو وكأنها ذاكرة نَفَس أخير من حياة سابقة، كانت له فيها فسحة من الضوء. حين يقول لزكين إن رونيا "أخذت معه كل شيء حي"، نفهم أن وجوده بعد الفقد لم يعد حقيقياً، بل مجرد مقام مؤقت لجسد يبحث عن روحه.
لا ندري إن كانت رونيا قد ماتت، غادرت، هُجّرت، لكن الأهم أنها غيبت المعنى، وهذا يكفي. لزكين لا يتحدث كثيرًا، لكنه يحمل حزناً هائلًا صامتاً، يصوغ مواقفه، يحدد ردات فعله، ويجعل منه شاهداً مقموعاً على الزمن الكردي.
العلاقة بين لزكين وبيكس ليست سطحية. هما لا يتبادلان الحوارات الطوال، لكن الانكسار يجمعهما. كأن الرواية تقول إن الكردي حين تُسحق هويته، لا يصرخ، بل ينظر في عيني أخيه ويفهم. ما يربطهما هو التواطؤ على الصمت، والإيمان أن الكلام لم يعد مجدياً. وفي لحظة الزلزال، لا يسألان: لماذا؟ بل يتساءلان: من سيبقى ليحمل الحكاية؟
لا زيلان ولا رونيا تظهَران حضوراً مباشراً في الرواية، لكن غيابهما فاعل جداً.
هما ليستا بطلتين، بل أثرين نفسيين، تشكّلا داخل ميران ولزكين بمقدار ما تشكّل الزلزال في الأرض. الرواية تنجح هنا في تصوير كيف أن الحب ليس دوماً فعلاً خارجياً، بل ذاكرة وجودية، توقظ أشياء فينا حين يظن العالم أننا مشغولون بالنجاة فقط.
وفي النهاية، نرى أن لزكين وبيكس ليسا مجرد شابين في كارثة. إنهما ترميز لجيل كامل من الكرد، فُرضت عليه الحياة تحت الركام: ركام الاحتلال، الخوف، الفقد، والصمت. ومع هذا، يبقيان في الرواية نواتين نابضتين للحياة، ولو بأضعف النبض.
أسلوب الرواية جريء، غير خاضع لقواعد الزينة أو التهذيب البلاغي. اللغة هنا شديدة التوتر، مشحونة بالعاطفة، قاسية أحيانًا ومباشرة، وفي أحيان أخرى تنساب بشاعرية مؤلمة. هناك انكسار غير قواعدي حتى في النحو، وتكرار مقصود، وانفجارات لغوية تُحاكي الانفجار الداخلي للشخصيات. لا توجد فواصل أنيقة بين المقاطع، كما لا توجد فواصل بين الحياة والموت، بين الإنسان والحطام. يستخدم الكاتب لغة مشوّشة لتوصيل الشعور بالتشويش، وفوضى لتجسيد الفوضى، وكأن السرد نفسه مصاب بالهزة ذاتها التي ضربت الأرض.
أما البنية السردية، فهي متقطعة ومتشظية، لكن هذا التشظي مقصود، ومنسجم مع طبيعة الحكاية. يتنقل الكاتب بين الشخصيات دون مقدّمات، ويقفز في الزمن والمكان، ليعكس الضياع العام الذي يعيشه المجتمع بعد الكارثة. لا يوجد بطل أو حبكة تقليدية، بل أصوات متداخلة، تحكي وتصرخ وتحتضر وتحب وتكره وتلعن وتكتب وصيتها على جدار مهدّم. الرواية هنا لا تتبع منطقًا سرديًا كلاسيكيًا، بل تتبنّى منطقًا وجوديًا يائسًا، حيث لا شيء يمكن التنبؤ به، كما لا شيء يستحق الانتظار
ومن أذكى عناصر الرواية هو دمج الواقعي بالخيالي، دون أن يبدو ذلك منفصلًا عن سياق المأساة. فالكاتب لا يتردد في السخرية السوداء من رجال دين يتاجرون بالإغاثة، من سياسيين يتظاهرون بالتعاطف أمام الكاميرات، من فصائل توزع الخيام حسب الطائفة، من إعلام يسلّط الضوء على طرف ويتجاهل آخر. في هذا المشهد، لا تبدو الفانتازيا مفروضة، بل منسجمة مع العبث الذي يطبع الواقع. وكأن الخيال هو السبيل الوحيد لوصف واقع أكثر جنونًا من الخيال ذاته.
اللغة في الرواية مشدودة، ممزقة، تنبض أحيانًا كشعر، وأحيانًا كألم محض. الأسلوب متقطع ومتشظ كأن السرد نفسه يعيش ارتجاجًا. الجمل تأتي كأنها أنفاس مقطوعة، والانفجارات اللغوية تعكس الهزة النفسية التي تصيب الشخصيات. تقفز الرواية من شخصية إلى أخرى، ومن زمن إلى آخر، لكن هذه القفزات ليست عبثًا، بل جزء من منطق الكارثة.
الخيال هنا ليس هروباً، بل وسيلة لكشف المستور. الشخصيات تُرى في المنام، الموتى يتحدثون، والأنقاض تحمل رسائل. إنها تقنيات ما بعد المأساة، حيث لا يمكن للنص أن يكون وثيقة فقط، بل عليه أن يكون روحاً حيّة في وجه الموت. ومن أذكى عناصر الرواية دمج الواقعي بالرمزي، دون افتعال، بما يكشف عن وعي الكاتب بجغرافيا الألم الكردي، لا كجغرافيا سياسية، بل كجغرافيا معنوية
أما الشخصيات، فكل منها مرآة لوجه من وجوه الكارثة. "أبو بروسك" الأب المكلوم، يحمل بين يديه ليس فقط أبناءه، بل بقايا رجولته المنتهكة. "أمين"، المسعف الذي لا يسعف نفسه، يبحث عن الجثث كما يبحث عن سبب للنجاة. "لزكين"، و"ميران" العاشق الذي يكتب تحت الأنقاض، لا رسالة حب، بل رسالة اتهام للعالم. و"حميدة"، تلك التي لا تبكي كثيرًا، بل تصرخ في داخلها، تمثل الوجه الصامت للكارثة، الأم التي لا تجد مكانًا تلد فيه حزنها.
أهم ما يميز الرواية أنها لا تقع في فخ الخطابة أو المظلومية الزائدة. نعم، الرواية تصرخ، لكنها صرخة مُسوغة، تستند إلى وقائع، وتشير بأصبعها إلى الجرح لا لتستجدي الشفقة، بل لتعلن الغضب. الغضب من الدولة التي فشلت في الحماية، من الإعلام الذي فرّق بين ضحية وضحية، من العالم الذي يشاهد دون أن يتحرك، ومن الذات التي اعتادت القبول بالقهر.
وتتجلّى في الرواية جرأة غير مسبوقة في نقد المؤسسة الدينية والسياسية، من خلال شخصيات تُفرّغ الدين من مضمونه، وتستخدمه كغطاء للانحراف. مشاهد تعرض فتاوى تُستخدم لتسويغ السبي، قادة فصائل يتباهون بأعداد النساء "المباحات"، رجال يُقيمون الخيام لا للنجدة، بل للهيمنة. كل ذلك يُقدّم بواقعية تهكمية توجع أكثر مما تُضحك، وتقول ما لا يُقال إلا من تحت الأنقاض.
لكن الأهم من كل ذلك أن الرواية، رغم سوداويتها، لا تُفرّغ الإنسان من إنسانيته.
هناك لحظات حنان، صداقة، حب، وفاء. هناك رسائل، أحلام، محاولات بسيطة للبقاء. وحتى الموت في الرواية لا يأتي عبثًا، بل محمّلًا برسائل ودلالات. كل شهيد يُذكَر، وكل جثة تُسترد، وكل ناجٍ يُمنح فرصة ليحكي. هذا الحكي هو جوهر الرواية، والنجاة الوحيدة الممكنة.
ما هو ملفت أن الرواية لا تُغلق بابها على حلّ مسبق، مصنوع. إذ لا شيء يُحلّ. الركام باقٍ، الألم مستمر، والزمن لا يعود إلى الوراء. لكن الرواية تقول: هذه حكايتنا، نحن الذين دفنّا أبناءنا، ونجونا، لا لننسى، بل لنتذكّر ونكتب. الكتابة هنا ليست فقط فنًا، بل فعل مقاومة ضد النسيان، ضد التهميش، ضد التاريخ الذي يُكتب بلغة الأقوياء.
من هنا، فإن رواية الزلزال ليست رواية عن كارثة، بل رواية كُتبت بالكوارث.
صوتها ليس مجرد سرد، بل شهادة، وموقف، واتهام، وبكاء حادّ في وجه عالمٍ أعمى.
 هي نصّ جدير بأن يُقرأ، لا لأن فيه حكاية مأساوية، بل لأن فيه إنسانًا قرّر ألا ينسى، ولا يسمح للعالم أن ينسى، لذلك نرى أنه عندما تمضي الرواية أبعد من مأساتها، فإنها لا تكتفي برصد الألم، بل تتجاوزه لتفكيك أسبابه، ومساءلة واقعه، وفضح بنيته. هذا بالضبط ما تفعله رواية الزلزال لريبر هبون. إنها لا تُسجّل مأساة الزلزال بعيون المتفرج، بل تعيد صياغتها من الداخل، بعيون من عايشوها، ودُفنوا تحتها، وخرجوا منها وهم ليسوا كما كانوا.
الرواية تمضي أبعد من صورتها الكارثية، لأنها لا تُعنى فقط بانهيار الأبنية، بل بانهيار المعنى، وبحث الإنسان عن ذاته وسط الخراب. تمضي أبعد لأنها تُعرّي الواقع السياسي والاجتماعي، وتُعرّف المأساة بوصفها نتاجًا للتواطؤ، لا للقدر. تمضي أبعد لأنها لا تكتب عن الزلزال، بل من داخله، حيث يتحوّل الأدب إلى صرخة، واللغة إلى خندق، والشخصيات إلى شهود لا يموتون.
بهذا المعنى، فإن الزلزال ليست مجرد رواية عن حدث مأساوي، بل عن بنية مأساوية تعيد إنتاج نفسها بصمت، في كل مرة يُدفن فيها إنسان دون أن يُذكر اسمه، أو تُنسى مدينة دون أن تُقال حكايتها. و ريبر هبون، في هذا العمل، لا يقدّم مجرد شهادة، بل يُحوّل الأدب إلى محكمة للعدالة المتأخرة.
حقيقة إن الرواية تستعرض تراجيديا الزلزال على صعيدين: مجازي وواقعي – أو مجازي ومعنوي فيما يتعلق بالانهيار الذي يصيب حياة المجتمع أو الفرد في ظل الصراعات الإنسانية والسياسية والاجتماعية على حد سواء.
تدور أحداث الرواية في إطار زلزال يضرب مناطق كردية وعربية في كوردستان وفي سوريا وتركيا، حيث تنتقل الرواية بين شخصيات متعددة مختلفة تعيش محنة الفاجعة.
فالكارثة لا تكشف فقط عن الدمار المادي ، ولكنها تسلط الضوء على هشاشة العلاقات الإنسانية والتوترات السياسية.
وهنا فإن ثلاثة جوانب تبرز في إطار هذا الحدث العظيم أولها: الزلزال ذاته بتفاصيله المروعة التي تجعل قارئ الرواية يشعر وكأنه يعيش تفاصيل المأساة وهذه النقطة تسجل حقاً للرواية والروائي وثانيها المعاناة الإنسانية التي تعكسها الرواية ، صوراً للموت والنجاة في آن واحد، حيث تتداخل أصوات الضحايا مع أصوات السياسيين الذين يحاولون استغلال الكارثة لمصالحهم، وثالثها ذلك الخراب بل والنهب اللذين يوثقان لما يحدث بعد الكارثة تدريجياً وكأنها امتداد لها أو جزء منها، لابد من استقرائه حيث تظهر شخصيات تستغل المأساة عبر فرض الإتاوات وسرقة المساعدات –بحسب الرواية .
ثمة ثلاث شخصيات تظهر على امتداد شريط الرواية السردي أولها: أبو بروسك وهو رمز للوالد المفجوع الذي يفقد ثلاثة أبناء تحت الأنقاض وتتحول حياته بسبب الفاجعة إلى مسار آخر.
وثانيها رونيا وزيلان اللتان تمثلان الحب الضائع والمغيب تحت وطأة آلة الحرب والكوارث وتعكسان عمق الجراح العاطفية التي تضيف بعداً آخر على الكارثة الطبيعية.
ولا ننسى الشخصيات الثانوية التي تظهر تترى على خلفية الشريط السينمائي للرواية وهم عمال الإنقاذ، الجيران، المارة الذين يمثلون المجتمع المتنوع والمتأثر بشكل جماعي بالمأساة.
من هنا فإن رواية الزلزال تقدم رؤية فلسفية خارج عين الكاميرا الراصدة فيما يتعلق بالتداخل بين الطبيعة القاسية والإنسانية المتضررة، والزلزال الذي يمثل رمزاً للانهيارات النفسية والاجتماعية التي تعاني منها المجتمعات الممزقة كي تكشف الرواية عمق التراجيديا الإنسانية في احدى محطاتها الكثيرة التي لا تقتصر على الزلزال وحده فحسب بل تمتد إلى النزاعات والحروب والتطاحنات على صعيد الحياة الاجتماعية والسياسية المحيطة به.
وتأسيساً على كل هذا فإن الرواية تبرز نقداً قوياً وصادماً للسياسات المحلية والدولية التي تستغل الكوارث لتحقيق مصالحها كما أنها تنقد بقسوة المجتمعات الهشة التي تعاني في مواجهة أزمات كهذه.
تزاوج الرواية بين الواقعية المؤلمة والرمزية العميقة، إذ أنها تجسد الكارثة من جهة بشكل يجعل القارئ أن يشعر وكأنه حقاً جزءاً مما يدور حوله وهذا ما يسجل لهذا العمل الروائي حقاً، كما أنها تتبنى أو تعتمد الرمزية العميقة من خلال الاستخدام الذكي للرموز بما يعزز من قيمة النص بالإضافة إلى أمر آخر ألا وهو إبراز النص للأبعاد الإنسانية على نحو متكامل متشابك فيما يتعلق بالمعاناة في وجهيها الفردي والجماعي على نحو متوازن مهندس بطريقة واضحة.
ولعل إغراق الرواية بالجانب الرمزي قد يكبح عملية فك بعض الشيفرات من قبل المتلقي غير المتسلح برؤية عميقة ، ما ينعكس عملياً في عملية التفاعل مع النص بسبب كثافة الرموز، ناهيك من أن تعدد الشخصيات يجعل التنقل بين العديد من الشخصيات قد يؤدي إلى تشتيت القارئ.
إن رواية الزلزال ليست فقط رواية عن كارثة طبيعية بل هي مرآة تعكس أعماق النفس، الفرد والمجتمع من خلال مزج الواقعية بالرمزية ، يقدم ريبر هبون نصاً يلامس جوهر المأساة الإنسانية ويدعو للتأمل في القيم التي تحكم علاقاتنا.
الرواية تظل شاهدة على قوة الأدب في تقديم رؤى فلسفية واجتماعية تتجاوز حدود الحدث.
إذ إن رواية الزلزال ليست فقط عن كارثة طبيعية بل هي مرآة تعكس أعماق النفس البشرية والمجتمع ، من خلال مزج الواقعية بالرمزية.
يقدم ريبر هبون نصاً يلامس جوهر المأساة الإنسانية ويدعو للتأمل في القيم التي تحكم علاقاتنا فهي تظل شاهدة على قدرة الإبداع في تقديم رؤى جمالية فلسفية واجتماعية تتجاوز حدود الحدث.

الأحد، 30 مارس 2025

صدور كتاب نقد السياسة الكوردية غربي كوردستان أولاً للكاتب ريبر هبون

صدر عن دار تجمع المعرفيين الأحرار كتاب

- نقد السياسة الكوردية 

"غربي كوردستان أولاً"

للكاتب الكوردستاني ريبر هبون
الكتاب يقع في 130 صفحة من القطع المتوسط

منشورات ريبر هبون

 

reber.hebun@gmail.com

رقم التسلسل: 102- 27.03.2025

 

ISBN: 978-91-89288-91-1


نبذة عن الكتاب:

يسعدني أن أقدم لكم العمل البارز لصديقي العزيز، ريبرهبون، مؤلف كتاب " نقد السياسة الكوردية (غربي كوردستان أولاً)". هذا الكتاب هو استكشاف عميق للمشهد السياسي الكردي، يقدم نقداً ورؤية للمستقبل. إنه رحلة فكرية تمزج بين التحليل التاريخي والواقع الحالي، وتبحث في الحلول للتحديات التي يواجهها الشعب الكردي، خاصة في غربي كوردستان (روجافا). يقدم المؤلف تأملات صادقة في التحديات والتناقضات والطموحات التي تميز الحياة السياسية الكردية، متجاوزاً الانقسامات الحزبية لتقديم منظور فكري راسخ ومتوازن.

استناداً إلى أعماله الفكرية السابقة مثل "الحب وجود والوجود معرفة"، ينتقد المؤلف الأيديولوجيات والنظم السياسية السائدة في الشرق الأوسط، بما في ذلك الأنظمة الحاكمة ومعارضتها. إن فهمه العميق لفشل السياسات التقليدية، سواء في الحركة الكردية أو في السياق الشرق أوسطي الأوسع، يجعل هذا الكتاب مساهمة هامة في الفكر السياسي الكردي.

ما يميز هذا الكتاب هو التزامه بتقديم رؤية لا تقتصر على نقد الهياكل الحالية فقط، بل تقدم ايضاً رؤية للتقدم، تتجاوز جمود السياسة الحزبية والانشغال بالصراعات الأيديولوجية. يؤكد المؤلف على أهمية فهم الواقع المحلي واحتضانه، مع الحفاظ على الاتصال بالقضية الكردية الأوسع، داعياً إلى النظر إلى المستقبل وليس إلى الماضي، وبناء الحلول بناءً على قوة كل منطقة من مناطق كوردستان دون تجاهل خصوصياتها.

يؤكد الكتاب على الحاجة الماسة إلى مقاربة متوازنة للسياسة الكردية، مقاربة لا تنفي الطموحات من أجل كوردستان موحدة، ولكنها في الوقت نفسه لا تهمل القضايا العملية والإقليمية التي يجب معالجتها لتحقيق النمو والسلام المستدام. إن الدعوة إلى حلول واقعية خاصة بكل منطقة، بدلاً من الأحلام الطوباوية التي يصعب تحقيقها، تجعل هذا الكتاب ليس فقط في وقته بل أساسياً لأي شخص مهتم بمستقبل كوردستان.

الكتاب هو دعوة للوحدة، والتفكير العميق، والنضج السياسي. إنه مخطط لمستقبل يمكن فيه للشعب الكردي أن يكون معترفاً به ومؤهلاً لتشكيل مصيره في عالم يتجاهله في كثير من الأحيان. من خلال تأملاته، يذكرنا المؤلف بأهمية خلق بيئة سياسية شاملة ومتفائلة، تضمن أن يكون الشعب الكردي في موقع قوي للتغلب على التحديات الحالية والظهور أقوى وأكثر وحدة وصلابة.

أدعوكم للتفاعل مع هذا العمل، لأنه خطوة هامة نحو فهم التحديات المعقدة للسياسة الكردية في الوقت الحاضر.

 

روناهي حسن/ ناشطة و كاتبة صحفية و صانعة أفلام وثائقية

 

 

 

تجمع المعرفيين الأحرار

 

Whatsapp: 004915750867809

 

https://reberhebun.wordpress.com/

 

https://kulturforumdusseldorf.wordpress.com/

 

تصميم الغلاف: ريبر هبون

 

جميع الحقوق محفوظة للمؤلف ولا يجوز نسخ الكتاب  أو جزء منه بأية طريقة دون موافقته أو موافقة دار النشر، أي تقليد أو اقتباس يعرّض صاحبه للمسائلة القانونية.

 

 

 

الأربعاء، 26 مارس 2025

Sîmirbazî di navbera destanîbûn û nûjenîbûnê- Rêber Hebûn


Sîmirbazî di navbera destanîbûn û nejenîbûnê

Rêber Hebûn

Dîwana  Sîmirbazî bi şêweyekî  zanyarî   û wêjeyî hatiye nivîsandin ji aliyê helbestvana Kurdistanî  Kubar Hawar.

Ev pirtûka wê ya dûyem e ji weşanên Şilêr e, pirtûk ji 130 rûpelî pêktê, bêgûman ku ev mijar dewlemend e bi raman û şîrovekirinê ji pêşî bi nîşana Sîmirbaz ve destpê dike û ev me dihêle ku em babeteke rexnî vekin girêdayî bi mijoliya helbestvanê ye, bi jiehvekirina nîşanên helbestî, ew nîşan bi vejîndanê ve girêdayî ye, ji ber nîşan dûriyên xwe yên deronî û niştîmanî hene û bikaranîna wê bi xwe re hestên serhildan û raperîn û rikberiyê tîne hole, wekî tê zanîn ku helbest bi giştî hunereke wêjeyî ye hest û ramanan bervajî mirovan dike, giringiya hevgirêdana di navbera destanîbûn û nejenîbûnê de bandoriya xwe li ser hişmendî û henaseyên xwendevanan heye , ji ber wate ji nivîsê an ji pêvajoya derbirînê  ew e bilindkirina asta têgihiştina mirovan e  ev yeka jî zanistên mirovî li ser dixebite, rola helbestê li ser jiyana civakan berz dike , nexasim dema helbest nêzî mijarên dîrokî û destanî dibe,bûyerên ên ku ji jiyana kurdî derbasbûn e gelek in, bandora van bûyeran li ser mirovên afrêner hene, belgekirina hest û ramanên demê ne tenê erka dîroknas e lêbelê wejevan jî herwiha, ji ber ew nûnertiya serdema xwe dike, zimanê rewşê diyar dike, bêhtir Kubar Hawar di naveroka helbestên xwe de şêwaza pesindanê bikaranî ye, ev jî rolek xwe di sazkirina nasnameya netewî û rewşenbîrî de heye.

Helbestvanê  xwestiye nûjenîbûnekê çêbike di vê şêwazê de, helbesta kevinşopî li vir hewil dide bi guhertinên ramanî  û civakî re biçe, em li vir binêrin:  ( Teneyeke ji axa te dibû- pixûra xewnan- ava çema te dibû- avsûn û derman- pîroz e mîna ayet û peyvên Quran.)

Yek ji xusletên şêwaza kevinşopî ku vegerîneke derbasbûyî ji nîşanên efsanî û ayîndî re saz dike, ev yeka ne dûr e ji metirsiya heyînî û ramana felesfî ve, diyar dibe ku Kubar Hawar gelek teknîkên derbirînî bikaraniye, ji bo helbest li ser tek ritmî nemîne, hizrê nûbûnê li cem zindî ye.

Li vir jî em dibînin rûpel 24 : tu dipirsî lê pirsa te pirseke sar e- digrî lê girîna te kêm hawar e- wêneyê xêz dikî – lê ne Kubar e.

Çawa helbesta nûjen ji destanî cuda dibe, ma gelo helbesta nûjen bandora xwe ya netewî ji destdabû bi sedema zorbaziya takekesîbûnê, helbestvan Kubar Hawar  bersiva vê yekê di helbestên xwe de dabû ji ber mirov dikare di navbera herdû şêwazan de hevsengiyê çêbike , di çarçoveya helbesteke nûjen de kelepor  û nûbûnê jî diparêze û bi awayên rengîn diyar dike .

Dûmahî:

Wekî tê zanîn ku helbest rêyeke ji rêyên ramanbûnê ye û roleke xwe heye ji pêvajoya naskirina henas, evîn , gerdûn û pirsgirêkên mirov bi din re, pêşveçûna helbestê pêşveçûneka ramanî diyar dike, qet mirov nikare şêwazên kevinşopî ji holê rabike lê bi rengekî ji rengan û bi şêweyên curbecur wê berdewam bibin.

 

الجمعة، 14 مارس 2025

قراءة في نص الدستور المؤقت لسوريا 2025

 

قراءة  في نص الإعلان الدستوري لسوريا 2025

*ريبر هبون

 

بعد سقوط النظام في 8 ديسمبر 2024

جاءت قوات الجولاني لتحل مكانه معلنة إسقاط حكم بشار الأسد وأعلن نفسه فيما بعد رئيساً انتقالياً لفترة ثلاث شهور وعند مجيء شهر آذار وانقضاء الأشهر الثلاث ، راح يعلن عن نص دستوري لسوريا الجديدة ينص على تمديد مرحلة الرئاسة إلى خمس سنوات.

وهذا يعني أنه استبدل نفسه ببشار الأسد دون انتخابات ودون إجماع من المكونات الأخرى ضارباً بعرض الحائط الاستفتاء الشعبي والتوافق الوطني، وبهذا شرعن وجوده من خلال إجراءات شكلية تمت بغطاء استخباراتي تركي وبقرارات فردية تناهض الإرادة الشعبية والمؤسسات التي وجب أن تدار بطريقة ديمقراطية ، إلا أن العقلية الإسلاموية الجهادية لا تفقه سوى انتزاع السلطة والتفرد بها وبذلك يمكن القول أن الجولاني وجماعة هيئة تحرير الشام استولوا على دمشق وأعلنوا أنفسهم الحكومة السورية الجديدة وهو بذلك يعيد إلى أذهاننا انقلاب حافظ الأسد وسلسلة الانقلابات التي سبقته.

اليوم يستخدم الجولاني خطاباً جهادياً كثيراً ما يذكرنا بخطبة أبو بكر البغدادي على منابر مدينتي الموصل والرقة، نلحظ زحفاً لكل المجموعات الإسلامية الأجنبية القادمة من تركستان والشيشان والإيغور والمناطق القريبة منها وكأنهم أعلنوا من أنفسهم حصناً وسوراً وقائياً حول الجولاني وحكومته كإنما قدموا إلى الحج، وقد جاءت خطوة زيارة وزير الخارجية التركي والاستخبارات ووزير الاقتصاد التركي لمباركة الجولاني رئيساً لفترة انتقالية أخرى دليلاً على مدى التنسيق الكبير بين تركيا وهذه الحكومة إذ هي دليل أنها تعمل وفق ما تريده تركيا وبدقة متناهية، وبما لا شك فيه فإن حكومة اللون الواحد ، جهادية الطابع تعتمد منطق التمكين أساساً لوجودها والغلبة وفقاً لأدبياتها مما يعني استمرار مسلسل الإقصاء والقمع فماذا سيكون موقف المجتمع الدولي منها، فالتاريخ يعيد نفسه على نحو أسوأ وهذا يقودنا لخلاصة أن الاستقرار أو الحل السياسي وفقاً لهذه المعطيات بعيد المنال وهذا بدوره يفتح الباب لدوامة جديدة من العنف والصراع على السلطة.

ما  أتوقعه مبدئياً بأن الغرب والولايات المتحدة لن يعترفوا بهذه الحكومة وخطابها الجهادي وسيقومون بإعادة النظر بموضوع رفع العقوبات بل وقد نشهد عقوبات اقتصادية وضغوطاً سياسية لمحاصرة هذا الكيان الإرهابي لاسيما وإن إسرائيل ومن قمة جبل الشيخ تراقب ما يجري وتتوعد بالتدخل ان دعت الضرورة حيث لا يمكنها أن تكون بمأمن من حكومة مناوئة لها وقريبة على حدودها أشبه بطالبان التي تحكم حالياً في أفغانستان.

 

أما عن إيران وروسيا فسيرون ذلك تهديداً مباشراً لهما حيث من المتوقع أن تجيش إيران فصائلها الطائفية باسم حماية العلويين من المذابح الممنهجة وتشق طريقها من بوابة البوكمال السورية متجهة صوب الساحل لمواجهة جماعات الجولاني الإرهابية، وكذلك فإن المدنيين من أهل الساحل ممن احتموا في قاعدة حميميم الروسية طلباً للحماية قد وضعوا روسيا في موقف لابد أن تتخذ فيه إجراء ما يضعف الحكومة الجديدة، وعربياً لن تقبل مصر والإمارات بما يجري في سوريا وستتحرك حسبما تقتضيه مصالحهما

أما عن الأمم المتحدة فستصدر كعادتها بيان شجب حول ما يجري ولن تستطيع أن تتحرك أكثر دون توافقات القوى الكبرى الفاعلة في الشأن السوري.

 

وهذا الوضع يستدلنا لنقطة مفادها  أن الاستقرار بعيد في ظل مشروع أحادي إقصائي تكفيري  حيث ترغب تركيا باستخدام هذه الجماعات كورقة ضغط ضد الغرب وروسيا في حال أقدم الغرب على التمادي في استخدام الورقة الكوردية واستمرت في رسم خريطة الشرق الأوسط المهددة لتركيا كدولة قومية متطرفة.

 

لكن لا يمكن الاعتماد على التدخل العسكري الاسرائيلي حيث ستتدخل بشكل محدود وعلى شكل ضربات جوية لمواقع مرتبطة عقائدياً بحماس كما قامت بضرب مقر أحد قياديي حركة الجهاد الإسلامية، إيران ستحرك الميليشيات الشيعية العراقية لتعبر سوريا نحو مناطق الساحل وتركيا كما هي عادتها ستلعب بالتناقضات وستستخدم الجولاني كورقة ضغط وتبقيه تحت مراقبتها بشكل لا تسمح له بأن يقوى وستعيد أسلوبها في ابتزاز الغرب والولايات المتحدة وتقايض ورقة الجولاني بمطلبها المتعلق بوقف دعم قوات سوريا الديمقراطية وإنهاء الإدارة الذاتية في شمال شرقي سوريا، أما الإدارة فستسعى لمد قنوات تواصلها مع مصر والإمارات من أجل الحصول على دعم عربي  إما مالي أو إعلامي  وكل ذلك يشير إلا أن سوريا متجهة نحو المجهول.

 

وجه المرحلة القادمة هو عودة صراع الميليشيات الطائفية الجهادية إلى سوريا إضافة من أن تركيا هي اللاعب الرئيسي في المنطقة.

 

لنعد للدستور حيث  نجد ان اسمها كما كان متداولاً منذ تداول البعث للسلطة (الجمهورية العربية السورية) ودين الدولة الرئيسي هو الإسلام ولا يقبل أن يكون رئيس الجمهورية غير مسلم واللغة العربية هي اللغة الرسمية الوحيدة وغالب الصلاحيات مرتبطة برئيس الجمهورية فهو إلى جانب كونه رئيساً ،له سلطة في تعيين  أعضاء مجلس الشعب بشكل شبه مطلق وهو القائد العام للجيش والقوات المسلحة و يسمي رئيس الجمهورية نائباً  له أو أكثر ويحدد اختصاصاتهم ويعفيهم من مناصبهم ويقبل استقالتهم، وفي حال شغور منصب الرئاسة يتولى النائب الأول صلاحيات رئيس الجمهورية.

وكما جاء في المادة 25:

 

-يعين رئيس الجمهورية الوزراء ويعفيهم من مناصبهم ويقبل استقالتهم.

 

إذاً فيمَ  ثار الشعب السوري وقدم  أكثر من مليون شهيد ألأجل أن يستبدل نظام الأسد المجرم بنظام الجولاني الإرهابي؟!

وما الفرق بين دستور اليوم ودستور الأمس؟!

حيث لم يتطرق لأي إشارة إلى وجود الشعب الكوردي والقضية الكوردية ولا بذكر أي من المكونات العرقية والدينية الأخرى أو لدور  المرأة  ناهيك عن الثغرات القانونية  الأخرى؟

 

حكومة الجولاني تعيد إنتاج نظام الأسد من خلال تلك الصلاحيات المطلقة لرئيس الجمهورية سواء في تعيين الحكومة والهيئات التشريعية أو حتى المؤسسة العسكرية وما من وجود أية ضمانات جادة وحقيقية للفصل بين السلطات وهذه الدولة هي واجهة لحكم فردي مطلق.

 

وهو امتداد لمنطق وعقلية البعث الإلغائية فهو لا يعترف بوجود الكورد والقضية الكوردية ولا بحقوق باقي المكونات من مسيحيين ودروز واسماعيليين وعلويين وسريان وتركمان، وهذا يعني استمرار الاضطهاد لردح آخر من الزمن.

 

الأسد حكم سوريا باسم الأمة العربية بينما الجولاني يحكمها باسم الشريعة الإسلامية والجوهر واحد فالأسد استخدم البعث وأجهزة الأمن لإحكام قبضته بالدم والحديد كما يفعل الجولاني وفعلها في إدلب من خلال حكم الشريعة والجماعات الجهادية حسب فقه ابن تيمية وسيد قطب.

 

إن هدف الثورة هو لأجل انتصار الديمقراطية والتعددية القومية والطائفية  حيث نخلص إلى خلاصة بأن الجولاني وجماعته لم يأتوا بدستور جديد وإنما هو الدستور البعثي المضمخ بالدم والقمع  ولكن هذه المرة بغطاء جهادي اسلامي.

 

إن عملية إنتاج الطغيان سيعيد إلى أذهان السوريين كل الفظائع والأهوال التي لقيوها وستضع سوريا مجدداً  في دوامة النزاعات القومية والطائفية

إذن سوريا في قلب دوامة الإقصاء والاستبداد لكن بوجوه وأسماء جديدة

إن السبيل لدرء المخاطر على سوريا برمتها وعلى غربي كوردستان يبدأ بوحدة الصف الكوردي  وكذلك مد قنوات التواصل والتفاهم مع كل الديمقراطيين السوريين أياً كانت طوائفهم ومللهم.

 

لأجل الوقوف معاً لمواجهة الظلاميين التكفيريين وكذلك الأطماع التركية التي تقف خلفهم.

 

والدعوة إلى تظاهرات واحتجاجات داخل سوريا وخارجها وكذلك تكثف المجتمعات المدنية والمنظمات الحقوقية من عملها المنسق معاً من أجل توثيق الانتهاكات والجرائم وإيصالها للمحاكم الدولية بغية الضغط على هذه الحكومة إما من خلال العقوبات عليها ومحاكمة المجرمين  وتقديمهم للعدالة

نحو سوريا لا مركزية فيدرالية  وكوردستان حرة يشعر فيها كل سوري بانتماءه لذلك الوطن.

 

بلا شك أن تحقيق هذه  الخطوات مرهون بوحدة الكورد المجلس الوطني الكوردي الإدارة الذاتية والأحزاب المستقلة من خلال تشكيل هيئة أو وفد سياسي موحد يكون ناطقاً رسمياً باسم الكورد في دمشق وكافة المحافل الدولية  وكذلك الاتفاق على خارطة طريق واضحة المعالم لا لبس فيها لمستقبل غربي كوردستان ضمن سوريا لا مركزية فيدرالية والعمل مع القوى السورية المؤمنة بالديمقراطية ضد التطرف والاستبداد وتشكيل تحالف سياسي يضم كافة المكونات لمواجهة الأطماع التركية وتفعيل الدبلوماسية ودور المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية وبناء تحالفات دولية لدعم سوريا فيدرالية لا مركزية حيث لا مستقبل للصراع العسكري أو الحسم العسكري فهي لا تحقق أي استقرار والرهان هو على الحراك السياسي  وهو الجالب للاستقرار الحقيقي  في سوريا و عموم الشرق الأوسط.

الخميس، 13 مارس 2025

قراءة في آفاق اتفاق ١٠ آذار- ريبر هبون

قراءة في آفاق اتفاق 10 آذار 

-ريبر هبون

لقد تداولت وسائل الإعلام المرئية العربية والكوردية هذا الخبر بالفيديو ومضمونه لقاء أفضى على اتفاق مبدئي بين رئيس الحكومة السورية الانتقالية أحمد الشرع والجنرال قائد قوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي في هذا الموضوع ومن خلال وجهة نظري سأعمد إلى تحليل ما جاء في تلك البنود حول أن العملية السياسية لن تقصي أحداً من ذوي الكفاءات بين السوريين.

لنتأمل البند الأول :
 
"-ضمان حقوق جميع السوريين في التمثيل والمشاركة في العملية السياسية وكافة مؤسسات الدولة بناء على الكفاءة بغض النظر عن خلفياتهم الدينية والعرقية."

بما معناه فإن البند الأول يود أن يطلعنا على رفض الدولة مبدأ المحاصصة على أساس قومي أو طائفي وهذا من شأنه أن يشيد مبدأ المواطنة.

إن البيئة السورية سياسياً معقدة والتناقضات بينها متشابكة وتكاد تكون عصية على الحل في ظرف زمن قصير ،حيث جرت مذابح بحق الطائفة العلوية مؤخراً من قبل فصائل الجيش الوطني الموالية لحكومة أنقرة والتي استقدمها الأمن العام لمؤازرتها ومواجهة ما يسمى فلول النظام السوري في الساحل والذي استطاع قتل المئات من عناصر الأمن العام التابعة لحكومة أحمد الشرع فقام الأخير بالرد وقد اتخذ هذا الرد طابعاً ميليشياوياً متطرفاً إذ تمت إبادة ما يقرب عن 3000 آلاف علوي من المدنيين والذين تم التمثيل بأجساد  الكثيرين منهم قبل أن يتم ذبحهم وتم رمي بعضهم في البحر وفقاً لتقارير محلية وعالمية جاءت من قبل معهد  واشنطن و ومصادر   أوروبية  فلم يجد الشرع إزاء ذلك إلا أن يسارع في الحديث مع مظلوم عبدي بقبوله بالاتفاق للحفاظ على شرعية وجوده في دمشق،  بما لاشك فيه فإننا ننظر لهذا الاتفاق أنه متصل بسياق الحوادث التي لم تستطع حكومة الشرع احتوائها أو السيطرة على المليشيات التي ارتكبت العديد من المذابح والانتهاكات بحق المدنيين حيث تم تصوير الكثير من مشاهد الذبح بطريقة مروعة ألقت الصدمة والذهول بداخل  الناس والرأي العام العالمي، الأمر الذي جاء خبر هذا الاتفاق ليحاول التغطية أو التمويه على الورطة التي مني بها الشرع وحكومته وتلك المذابح عززت الرأي القائل بأن الاحتراب الأهلي بين السوريين طائفياً وعرقياً كبير وقد جاء ذلك نتيجة عقود طويلة من التغذية الطائفية والعرقية والتي جعلت واقع تلك المجتمعات والشعوب تقسيمياً فإن تم نجاح فرض سوريا كوحدة جغرافية وسياسية وجاء ذلك على هوى القوميين والشوفينيين فذلك لا يعني بتاتاً وجود تلك الوحدة كمفهوم نفسي بين مجتمعات وشعوب سوريا على الإطلاق، والتعامي عن هذه الحقيقة يمثل انهياراً لكل عقد اجتماعي يفرض بالقوة أو تفرضه القوى الاقليمية بداعي حماية دولها من التقسيم، لأن واقع هذه النظم ومجتمعاتها واقع تقسيمي يعاني الاحتقان والتوتر والفوضى وينتظر  تدخلاً خارجياً ما  يبرز  واقعها على ما هو عليه، فالمذابح بحق العلويين وقبلها مذابح المليشيات الطائفية الإيرانية والنظام السوري بحق الطائفة السنية يمثل تقسيماً لا يمكن لقانون سياسي أو نظام جديد بلورة عقد يفضي للتعايش بين تلك المكونات التي لم تعد تستطع إلا أن تقتل بعضها بعضاً وذلك يعني أن نظام الحكم المركزي من المحال تطبيقه في سوريا لغياب الثقة بين مكونات سوريا كافة والتي باتت تتوجس من تسليم سلاحها للدولة وأن يكون مصيرها كمصير الطائفة العلوية التي سيقت للذبح والهلاك.

لهذا فإن لتوقيت الاتفاق دلالات كبيرة منها محاولة الشرع لحماية نفسه من خلال استنجاده بمظلوم عبدي والذي سيؤدي الاتفاق معه إلى تخفيف الضغوط الدولية عليه وهذا يعني أنه قد يتنصل من الاتفاق سريعاً في حال زالت تلك الضغوط ومدت تركيا له يدها وجعلته في حل من أي اتفاق يفضي بالكورد للمطالبة بنظام فيدرالي على غرار الكورد في جنوب كوردستان.

لهذا يبدو أن هذا الاتفاق بمجمله هو وسيلة للخروج من مأزق ظرفي أكثر مما هو  نية في الحل والاستقرار  والتهدئة المستدامة.

-البند الثاني: 

"المجتمع الكوردي مجتمع أصيل في الدولة السورية وتضمن الدولة السورية حقه في المواطنة وكافة حقوقه الدستورية."

حيث يحمل هذا البند قانونياً ووفق الدستور والعرف السياسي أبعاداً وسياقات متعددة ولهذا وجب تعريف الهوية القومية ضمن الدولة السورية فالمجتمع هنا هو مجموعة بشرية تقيم داخل كيان سياسي ولهذا فإن ذلك لا يمنحها أي صفة قانونية  كتقرير المصير وإنما ينظر هنا للكورد كما ينظر للطائفة الدينية أو الأقلية التي تحوي بضعة مئات من الناس، بينما يزيد عددهم في الحقيقة عن 3 مليون عدا الذين يعيشون في كافة المدن السورية كحلب و دمشق واللاذقية وإدلب وحماة وغيرها من المدن
وهنا تم استبدال الشعب الكوردي بالمجتمع الكوردي بغية نفي الصبغة القومية عن الكورد لأجل إبقائهم ضمن الدولة السورية كوحدة غير قابلة للتجزئة وهذا يعني أن الدستور السوري لن يعترف بالكورد كقومية لها حقوق سياسية مما يعني أن الكورد في المفاوضات القادمة سيعانون كثيراً حتى يقوموا بتثبيت حقوقهم وإقناع بقية الأطراف بعدالة حقوقهم ناهيك عن التدخل التركي الذي سيستميت لأجل ألا يحصل الكورد في سوريا على شكل معترف بهويته على غرار اقليم كوردستان العراق.

إن وصف الكورد كمجتمع هو إنكار سافر لواقعهم القومي والجغرافي والتاريخي فهم ليسو أقلية وإنما أصحاب هوية وأرض تاريخياً قسمت في عام 1916 بناء على اتفاقية سايكس بيكو وإن لم ينجح الكورد في انتزاع حقوقهم بمختلف السبل فإنهم سيضيعون تلك الفرصة التي قد لا تعود مجدداً 
فالكورد موضعون في موقع تفاوضي ضعيف حقاً إن لم يجيدوا اللعبة السياسية ولم يتوحدوا ولن يكون لهم حق قانوني في الفيدرالية أو الحكم الذاتي أو الاعتراف بلغتهم رسمياً بناء على هذا الاتفاق المبدئي لهذا فإن النضال السياسي قد بدأ وبقوة من أجل انتزاع تلك الحقوق المشروعة من الآن فصاعداً حتى لو بدا الاعتراف تدريجياً لكن القنوات الدبلوماسية يجب ألا تتوقف وكذلك إقناع أصدقاء الكورد بضرورة إفشال التدخلات التركية في المشهد السوري حيث تحاول أنقرة باستماتة أن تفشل تجربة الكورد السوريين بعد ان فشلت في منع كورد العراق في أن يحصلوا على حقوقهم.
 
لقد نال كورد جنوب كوردستان اعترافاً جزئياً بحقوقهم بفضل الدعم الامريكي والبريطاني إلا أن الواقع في كوردستان سوريا مختلف بسبب ضبابية المواقف الدولية حتى الآن.

بما لاشك فيه فإن تغيير ذلك الاتفاق مرتبط بمدى الجهود التي سيبذلها السياسيون الكورد والتوازانات على الأرض قد تتيح فرصاً في أن تتغير المعادلة للأفضل بما لاشك فيه فإن الدور الاسرائيلي الأمريكي والفرنسي وكذلك الألماني سيلعب دوراً  وعليه فإنه يقع على عاتق الكورد في غربي كوردستان ألا يظهروا فقط بمظهر عسكري يحارب داعش فقط وإنما أن يبرزوا أنهم قادرين بحق على الحصول على الاعتراف السياسي وتقديم أنفسهم كحالة موالية للغرب ومصالحه في المنطقة.

البند الثالث :
 
"-وقف إطلاق النار على كافة الأراضي السورية."

بما يخص وقف إطلاق النار فلا يزال غير متحقق حيث هناك فجوة في تطبيق تلك البنود وكذلك فإن المذابح بحق العلويين بحجة ملاحقة فلول النظام لا تزال قائمة وبشكل ممنهج إلى جانب انتظار الكثير من الشرائح العلوية السورية لقدوم قوات سوريا الديمقراطية بغية إنقاذهم من المذابح المستمرة بحقهم وذلك أيضاً لم يتم حتى الآن حيث ثمة بند يتعلق بوجوب أن تساعد قوات سوريا الديمقراطية الحكومة السورية في ضبط الأمن.

إذن نجد أن تركيا تتحرك وفق مصالحها ولا يهمها أي اتفاق يجري بين الشرع ومظلوم عبدي كون سوريا هي ساحتها وتتحرك فيها مثلما تريد وتعتبر سلاح قوات سوريا الديمقراطية خطراً على حدودها وفي الاتفاق لا يوجد بند يؤدي إلى نزع سلاح قوات سوريا الديمقراطية لهذا فإن أنقرة لن تعطي أي اعتبار لهذا الاتفاق من ناحيتها، إذا الاتفاق مثلما نلحظ هو مبدئي نظري لا يمكن تحقيقه إلا بوجود مصلحة دولية أو محلية كوردية في تثبيت بنوده على الأرض. 

البند الرابع :
 
"-دمج كافة المؤسسات المدنية والعسكرية في شمال شرق سوريا ضمن إدارة الدولة السورية بما فيها المعابر الحدودية والمطار وحقول النفط والغاز."

هذا البند يعني أن الإدارة الذاتية ستنتهي بالتدريج البطيء فعملية الدمج تنفي الاستقلالية والحرية اللتين تمتعت بهما الإدارة طيلة 14 عاماً  ولن تظل كياناً مستقلاً بل ستخضع بصورة مركزية لدمشق بشكل أو آخر وبذلك ستسلم كافة الموارد الاقتصادية للحكومة السورية في المركز ولهذا رأى أردوغان في هذا الاتفاق شيئاً جيداً 
وسيصبح المقاتلون في قوات سوريا الديمقراطية تحت سلطة الجيش السوري دون ضمانات فعلية  وهذا يؤثر على المكاسب السياسية التي تحققت بدماء الشهداء.

ولا يمكن للكورد أن يقبلوا ذلك ناهيك من أن الولايات المتحدة لن تسلم النفط والغاز لحكومة الشرع لهذا فإن تم تطبيق هذا البند فإنه فعلياً ستنتهي قوات سوريا الديمقراطية وتجربة الإدارة الذاتية  وهذا ما يسمى بالدمج. 

البند الخامس:
 
"- ضمان عودة كافة المهجرين السوريين إلى بلداتهم وقراهم وتأمين حمايتهم من الدولة السورية."

لا يمكن في الوقت الحالي تنفيذ هذا البند حيث أن سكان عفرين وسري كانيه وكري سبي لا يستطيعون العودة بسبب وجود الفصائل الموالية لأنقرة هناك خشية من الاعتقال أو العمليات الانتقامية بالرغم من أن بضع عوائل من عفرين  تعود بين فترة وأخرى ومن يعود يستشعر خطر تلك العودة ويرغم البعض لدفع الإتاوة  في المناطق التي لا تزال بعض المليشيات متواجدة فيها، لهذا يطالب الكثير من النازحين بضمانات دولية وهي غير موجودة في الوقت الحالي.

البند السادس :
 
"- دعم الدولة السورية في مكافحتها لفلول الأسد وكافة التهديدات التي تهدد أمنها ووحدتها."

تنتظر الكثير من الأطياف العلمانية السورية بخاصة العلوية في هذه الفترة القاسية والوحشية التي يمرون بها أن تأتي قوات سوريا الديمقراطية لإيقاف المجازر التي تنفذ بحقهم لكن للآن لم يتم وضع هذا البند قيد التنفيذ.

لا يمكن لقوات سوريا الديمقراطية أن تتحرك بمعزل عن الولايات المتحدة الأمريكية ودول التحالف لهذا فهذه من الأسباب التي قد تجعلها تتلكأ في نجدة أهل الساحل السوري الذين يرون فيها الأمل  إذ لطالما عملت هذه القوات على تحرير الأهالي في كل من منبج والرقة من قبضة تنظيم داعش الإرهابي إلى جانب أن ثمة تداخل معقد بين القوى الدولية والاقليمية فتركيا لها أطماع في الساحل السوري المطل على البحر المتوسط وقيام المجموعات التابعة لها بتلك المذابح سيعزز سطوتها على الساحل فيما بعد إلى جانب خطة تجويع أهل الساحل من خلال قطع رواتب الكثير من موظفيها الذين عمل غالبهم في السلك العسكري والحكومي فترة النظام السوري البائد، وكذلك فإن تدخل قوات سوريا الديمقراطية في الساحل السوري قد يضع قواتها في خطر إلى جانب الاختلاف الإيديولوجي الجذري بين قوات مظلوم عبدي العلمانية الديمقراطية وقوات الشرع الإسلامية المتطرفة  ناهيك من أي أن أي تدخل يستلزم موافقات محلية اقليمية ودولية وعسكرية تضمن عدم تصادم واقتتال الفصائل فيما بينها وكذلك ضد قوات سوريا الديمقراطية.

البند السابع :
 
"-رفض دعوات التقسيم وخطاب الكراهية ومحاولات بث الفتنة بين كافة مكونات المجتمع السوري."

هذا البند لا يمكنه أن يوقف الكراهية الموجودة نتيجة العنف المستمر منذ 60 عاماً من قبل النظام السوري ومعارضته لاحقاً
فخطاب الكراهية جاء نتيجة حقب متراكمة من الظلم والتمييز والتهميش الذي بات للمجتمعات السورية وشعوبها خبزاً وماءً ولكن هذا البند يعتبر بادرة إيجابية في تهيئة الأجواء لأجل الاتفاق وعدم التنابذ فهو ضروري لمن يريد التفاوض والوصول لتفاهمات من خلال الدعوة للتسامح ومعالجة جراح الماضي ومحاكمة من تلطخت أيديهم بدم السوريين وبعد ذلك يمكن للمصالحة الحقيقية أن تتم وذلك لا يتحقق بمعزل عن مساعدة الدول الفاعلة في الملف السوري وكذلك فإن الإصلاح السياسي مرتبط بمدى تقبل الأطراف الاقليمية والدولية لها  ناهيك عن دور المجتمع المدني الذي بإمكانه أن يؤدي دوره في إرساء دعائم السلم الأهلي.

البند الثامن :
 
"-تعمل وتسعى اللجان التنفيذية في تطبيق الإتفاق بما لا يتجاوز  نهاية العام الحالي."

لا أعتقد أن هذه السنة كافية لتطبيق هذا الاتفاق إلا إذا أرادت القوى الدولية الفاعلة أن تحقق ذلك بناء على  مصالحها التي تتطلب تحقيق ذلك الاتفاق وتعديل بنوده بما ينسجم مع إرادة الشعب الكوردي في المنطقة ويتفق مع تغيير خارطة الشرق الأوسط لضمان أمن إسرائيل في المنطقة.

خلاصة:
 
الظروف السياسية والعسكرية والتداخلات الاقليمية ستمنع من حدوث أي توافق سوري سوري بمعزل عن مصالحها لكن يمكن القول أن الدول الكبرى يمكنها إلزام كافة الأطراف بتنفيذ ما يحقق فعلياً بقاء امتيازاتها بما يكفل أمن اسرائيل التي بدأت بتغيير المنطقة منذ عملية طوفان الأقصى التي كانت نتيجتها إنهاء حماس وحزب الله وتدمير قطاع غزة بما فيه وكذلك تدمير نفوذ إيران في المنطقة وطرد ميليشياتها إلى غير رجعة، إسرائيل تريد من خلال ورقة الأقليات أن تضمن أمنها وكذلك عدم عودة إيران للمنطقة، بمعنى أنها تود أن تبني سياجاً حولها من خلال الأقليات السورية في مقدمتهم الدروز ثم الكورد وكذلك العلويين،  و لنضع الاحتمالات حول مصير الكورد في غربي كوردستان فالاتفاق هنا لا يحمل أي بشائر خير للكورد ولا يعني أن مصالح الدول الكبرى ستتوافق بالضرورة مع الطموحات الكوردية المشروعة  لهذا فإننا مقبلون بلا ريب على مراحل من التفاوض والتحديات  والوحدة الكوردية تبقى عاملاً إيجابياً  لانتزاع الحقوق المشروعة  لنظام لامركزي سياسي أو فيدرالي ودون إحقاق أحد المطلبين لا يعد أي شكل خارجهما إلا تنازلاً وتقزيماً للتضحيات الجسام التي قٌدمت كرمى لكوردستان. 

السبت، 1 مارس 2025

غربي كوردستان أولاً- ريبر هبون

غربي كوردستان أولاً

*ريبر هبون

 

غربي كوردستان كانت  وظلت ساحة استقطاب لكافة القوى الكوردية في الشمال والجنوب وغرفة عمليات تحرير شمال وجنوب كوردستان، هذا الموقع جعل كورد هذا الأقليم يتمايزون عن سواهم بذكائهم ووعيهم القومي وعندما حانت الفرصة أي بعد قدوم  تلك الهبات الشعبية للمنطقة ووصولها  إلى سوريا  استفادوا من هذا الصراع الطائفي بين جماعة الأخوان المسلمين وآل الأسد لتقوية اقليمهم والتركيز على حماية وجودهم، بعيداً عن هذا النزاع الطائفي بين النظام السوري وخصمه اللدود المتمثل بتلك التنظيمات المنبثقة من فكر الأخوان المسلمين ، فاتخذوا خطاً وسطياً معتدلاً علمانياً وعبّروا عن ثورتهم وفق خصوصيتهم إذ يعتبر 12 آذار 2004 بداية الثورة السورية التي وقف غالب معارضي ما بعد 2011 وقتها مع النظام السوري ضدهم، وليس ما حدث في بداية 15 آذار 2011 إلا استكمالاً لنزاع قديم بين الأخوان وآل الأسد واستغلت القوى المفتتة للمنطقة من تلك العدوات القديمة والمستحدثة لتعديل اتفاقية سايكس بيكو  في سوريا وإعادة ترسيمها بما يتوافق وحاجات راسمي الخرائط الجديدة، وبما لاشك فيه فإن غربي كوردستان هو بوصلة  حل القضية الكوردية ليس ضمن اقليمها فحسب وإنما في شمال كوردستان وكذلك شرقها والذي سيعبد الطريق لجنوبها بتأسيس دولة مستقلة، إذ كافة الدلائل تؤيد أن  ترسيم المنطقة مجدداً يتم بتسارع خصوصاً بعد هروب بشار الأسد وسقوط نظامه وفتح الطريق برعاية دولية اقليمية أمام زعيم النصرة

سابقاً أبو محمد الجولاني والذي أعاد اسمه الحقيقي أحمد الشرع للواجهة ليكون رئيساً انتقالياً لسورياً

وقد هيمنت تركيا على سوريا بشكل غير ودي حسب تعبير الرئيس الأمريكي دونالا ترامب وباتت تتحكم بمفاصل القرار السوري وراحت تركز بشكل مباشر على تدمير مكتسبات الكورد في غربي كوردستان، إذ أن بقاءها يهدد بتفكيك تركيا الحالية لاسيما وأن النية الاسرائيلية في تغيير المنطقة بعد عملية طوفان حماس مستمرة إذ لم تتوقف عن حدود تدمير  حماس وحزب الله ومقترح إخراج الفلسطينيين من غزة وتوزيعهم على الأردن سوريا ومصر والسعودية  وإنما رأت في هيمنة تركيا على سوريا بواسطة جماعة جهادية استقدمتها الأخيرة إلى دمشق خطراً على أمنها فراحت تعلن أن جنوب سوريا منطقة منزوعة السلاح ولن تكتفي بذلك فإن قلق الدولة التركية العميقة بادٍ من أن إسرائيل والغرب يبيتان النية في الانقضاض على إيران وتركيا على حد سواء وإبراز الكورد كلاعب جديد في المنطقة، ولا شك بأن هدف تركيا من وراء عملية السلام التي أطلقتها في بداية سنة 2025 هو  أن تتخلى قوات سوريا الديمقراطية عن سلاحها مقابل إجراءات لم توضحها تركيا حتى الآن بمعنى أنها تفرض الاستسلام على الكورد مجدداً وتحاول دون نية حقيقية منها في إقناع الكورد بضرورة عدم الانخراط لما تبيته اسرائيل والغرب في تغيير المنطقة وبالفعل لم يتأخر رد حزب العمال الكوردستاني على نداء أوجلان بعقد كونفرانس والإعلان عن حل حزب العمال الكوردستاني ورمي السلاح  ، فكان الرد هو ترحيب حذر ومطالبة بتهيئة تلك الأجواء من الجانب التركي وبضرورة إخراج أوجلان ليتولى عملية الحل بنفسه.

لقد أرادت تركيا من هذا أن تأخذ الشرعية الدولية باجتثاث الحزب على طريقة نتنياهو بما فعله إزاء حماس، بيد أنها لن تكون بمعزل عن رياح التغيير فيما لو أصرت على مواصلة حربها ضد الكورد وتجربتهم في غربي كوردستان بدعوى مكافحة الإرهاب، فقد رحبت كافة الأطراف الاقليمية والدولية بنداء أوجلان إلا أن تركيا ستظهر بموقف المخرّب لتلك العملية إذا ما استمرت في التعنت والتعامل مع المبادرة من منظور أمني دون الاعتراف بوجود القضية الكوردية.

إن غربي كوردستان يعيش في يقظة وحراك قومي في توقيت مفصلي يستلزم من كافة الأطراف السياسية الكوردية التحلي بيقظة تراعي أهمية المرحلة التي تمر على المنطقة ، تراص الصف سيحقق للمنطقة السلام ، إذ تعلق كافة مكونات المنطقة من مسيحيين ودروز  وعلويين على وفاق الكورد ومتانة تنظيمهم ، إذ أن التوحد الكوردي في غربي كوردستان مصلحة لتلك المكونات التي تتعرض لخطر الإبادة والتهميش من من قبل حكومة الشرع السلفية وتنظر الأطراف العربية العلمانية والمعتدلة لشمال شرقي سوريا كمنطقة آمنة سوى من التدخلات التركية وإصرارها على تدمير تلك التجربة بذريعة وجود عناصر لحزب العمال الكوردستاني داخلها.
إن تحرر اقليم غربي كوردستان  وشمال شرقي سوريا من صنوف الهيمنة والوصاية خارج الاقليم وسوريا يمثل تحدياً وبحرية هذا الجزء  وتحرره من الاملاءات الخارجية فإنه بإمكانه أن يمد قنواته الدبلوماسية نحو العالم بغية الحصول على شرعية تمكنه من تثبيت مكتسباته على الأرض ولاشك أن ذلك لن يتحقق إلا بالمرور  فوق جسر من التعب والتحديات المتعددة.

 

من كتاب (نقد السياسة الكوردية غربي كوردستان)

تدوير الإرهاب وصراع النفوذ- ريبر هبون

تدويرالإرهاب وصراع النفوذ *ريبر هبون تشهد العلاقة بين حكومة الشرع والإدارة الذاتية في شمال شرق سوريا تململاً واضطراباً وعدم جدي...