(أبناء العناكب)
قصة : ريبر هبون
كأنه كرة قشٍ محشوة جيداً، يهرول باتجاه المركز الذي يعمل فيه كدلّال، يرشد اللاجئين القادمين حديثاً من بلادهم الموبوءة لشقق أو الأزواج المطرودين من بيوتهم لمخيمات صالحة لمبيتهم،أو كمحام سابق وحالي يدافع عن حقوق المظلومات والمظلومين،
. المطلقات والمطلقين
أو شبه المنفصلات والمنفصلين
ثمة
الكثير من المعضلات والمشاكل الاجتماعية
والمال متوفر بتوفرها، ويعمل كمترجم
أيضاً يترجم للذين لا
يجيدون اللغة حسب
. الطلب ومقابل بضع
يوروهات
ضياء
ورث تعدد المواهب والأعمال
المتعددة من فطنة والده الشيخ خلف ،
الذي كان خطيباً في الجوامع
ويعمل في الحجامة ويفك السحر عن المسحورين
ويداوي النساء العقيمات لينجبن توائم
بمسحة من يديه الشريفتين، وكما قيل ففرخ
البط عوام وقد
. تجاوز والده بالعوم
والغطس عندما عمل في مركز يتعلق بمساعدة
اللاجئين والمعني بمشكلاتهم.
كرة القش تلك قادرة
على حرق أكثر الخيم دفئاً، إن
سكبت القير أو القطران على أرض منحدرة
وتدحرجت ، بدانته وقصره وعينيه
الداخلتين داخل المحجرين
تدلان وفق الفراسة الشائعة على الذكاء
والنباهة واقتناص الفرص، ومما زاده
اصراراً على عمله وتفانيه
في خدمة الناس زوجته كاتيا
المدبرة لتفاصيل حياته ففي كل مناسبة
تنشد لأجله ولمحيطها ومعارفها جوقات
المديح والثناء، على أنه يخدم
الناس وجل همه مساعدة الضعفاء ممن يحتاجون
العون والمساعدة، حيث لا تتوقف عن
ذلك الثناء لضياءها أمام كل من تشعر انها
لاجئة بحاجة للمزيد من الاندماج والمشي
بثقة في الدوائر الألمانية المتعلقة
باللجوء، لم الشمل ؛ وحل
مشكلة الترحيل، أو الدخول في قضايا متعلقة
بالفصل بين الأزواج المتخاصمين، أو محاولة
الحفر العميق بين الأزواج الذين يرغبون
في الفكاك ،لقد علا صيت
ضياء والفضل يعود لكاتيا
،فهي بدورها
على تواصل مع غالب
النساء المقيمات في المدينة التي تقيم
فيها وهي العاصمة لولاية كبيرة تتوسط غرب
ألمانيا، وتواصلها معهن
يجعلها تشعر أنها المرأة المساندة لذاك
الرجل العظيم والمصلح الاجتماعي والدلاّل
والمترجم، ويشعرها بالغبطة حينما يظلان
محل حديث الناس ،لا لاجىء
بإمكانه المشي في الشارع باتجاه بيته دون
ضياء ،لا أوراق لم شمل تجدي
ان لم يملأها ضياء ،يغمسان
اصبعهما في كل شاردة وواردة في تفاصيل
حياة الناس ذلك لقاء مساعدتهم
عبر الدخول لحياتهم وإملاء ما يجب أن
يفعلونه،لا تطيق كاتيا
البقاء في المنزل دون أن تحوله
لمضافة نسوية اذ اعتادت
أن يكون بيتها مقصداً لكل
من لهن مشكلة، فالرئاسة
وحل المشكلات أو تأجيجها من اختصاص جدتها
التي كانت أكثر حنكة من البسوس نفسها فقد
فاقت كل نساء عصرها خبثاً
ودهاء، فوفق
الشائعات التي رويت عنها انها قادرة أن
تحرض دجاجتين جالستين على البيض
لتنهضان وتبدأآن بنتف
ريش بعضهما
بعضاً كما تفعل الديكة،
حينما تعمل نظراتها جيداً
لتسدده بدقة باتجاه شيء ما ،وقد
عرفت بنظراتها الثاقبة وحسدها الشديد من
الآخرين، فإن نظرت للطفل الرضيع سرعان
مايختنق في حضن أمه النائمة ،وان
نظرت للماشي فسيتعثر ويسقط أرضاً
على أرض مستوية.
فكما
قيل العرق دساس ،و كاتيا
أخذت عن جدتها مجمل صفاتها
،جدتها التي كانت أسطورة
أهل القرية لعقود متواصلة من الزمن
جاءتها ندى
بكامل أساها وجمر الحزن يتفصد من عينيها
دمعاً ،بعد
انفصالها عن قيس محدودب الظهر، يسكن
ندى جانٌ
اسمه الشبق، زوج واحد يستحيل أن تطفأ
الجحيم الذي يعتريها، تواصلت مع ضياء،
وتهاتفا والتقيا، جاءها للفندق، محطتها
الأخيرة بعد تركها للبيت وتنازلها عن
ولديها اللذين لم يبصرا لو
فرحاً وحيداً
في ظلها-
. ما
الذي يؤرقك-
الفراغ،
الوحدة، كلما ازدت تشرداً
شعرت بالاكتئاب أكثر-
راح
يمسح رأسها علّ صداعها
يتوقف، تؤمن ندى بأن يده
مباركة كيد والده الشيخ،شعر
بشهوة تخرج من أعماقه كلما زفر ببطء مواكب
لحركة اليد على الكتف، العنق ، الضهر،
والتفت تلك اليد التفافة خالد بن الوليد
في غزوة أحد حول الجبل لتقترب من نهديها
الصغيرين فجحظت عينيها، أخرجت شهقة
دافئة
. قل
لي ما الحل -
عرفان
يقض مضجعي، صورته
تشبه صورة عشيق سابق لي غادر هذه المقاطعة
نهائياً هرباً مني ذاك الجبان الوغد،
لم يعد يفكر بالبقاء معي بعد أن نال
مبتغاه،من
يطفىء ناري ، نعم إني أحبه
بهيئة صاحب متجر الأحذية الذي يبدو أكثر
تهذيباً منه وأكثر
. دماثة
يذهب
اكتئابك بممارسة الجنس، لا تجدي تلك
التعويذة المواكبة لحركة اليد-
فهمت
ندى ما يلمح إليه ضياء
وغيّرت
السيرة
.هل
كاتيا في البيت-
هل تودين زيارتها
-
نعم
أرجوك أفعل
شيئا لأجلي، جد لي بيتاً
أقيم فيه أو خذني إلى مخيم
اللاجئين-
سأفعل
ولكن إيجاد بيت صعب للغاية إن
لم يكن مستحيلاً، والتنازل عن الأولاد
يحتاج وقتاً ،الحل
الوحيد هو أن تعودي لمنزلك لماذا لا
تعودين لمنزلك وأطفالك،
آه منك لاتذكرني بهم-
.غداً
آخذك لمنزلنا كاتيا تريد
التعرَف عليك، ولدي عمل لك سيرضيك
ويؤنسك
استقبلتها
كاتيا قبل موعد الغداء
تحدثت
قبلاً مع ضياء : -من
تكون هذه المرأة
هذه
ندى اهتمي بها، انها مشردة
ومطلقة حديثاً وتبحث عن سكن ،
اجلسي معها وعاينيها عن قرب، قد
تفيدنا-
حسناً
بعد أن أنتهي من الطبخ -
أثناء
جلوس ندى الطويل في صالون
البيت راحت تتذكر والدتها،وموت والدها
عندما كان شاباً بالجلطة،
مشاهد من مشادات كلامية مع والدتها ،
وصراخها بوجه الرجال الذين ارتادوا بيتها،
كانت طفولتها صعبة للغاية، مشهد حبسها
في غرفتها هي وأخيها الصغير لا يغيب عن
عينيها في حين كانت تنشغل أمها بصحبة
خليلها، حولت غرفة نومها لماخور صغير،
ما كانت لتعيش برغد بعد
موت زوجها لو لم تشتغل في
تلك المهنة الحمراء التي تعد من أقدم
المهن على وجه التاريخ، تقديم المتعة
لقاء مال مدفوع، كانت لوالدتها علاقات
نافذة مع مسؤولين، رجال شرطة واستخبارات،
وعبر علاقاتها استطاعت ان تمون على البعض،
وما ان دخلت ندى سن البلوغ
واكتمل جسدها حتى راحت توظفها لدى العقيد
أبو أمجد شخصياً، لتعليمها
فن استمالة بعض الرجال المطلوبين بغية
الايقاع بهم، لسنوات باتت محترفة تماماً
في مجمل المهام التي أوكلت إليها لجمالها
ووجهها البريء جداً ودهاءها
الذي تجاوزت به والدتها،تذكرت زواجها من
قيس محدودب الظهر، وكيف كان يعنفها لحين
أتت معه صيف 2015مع
موجة اللجوء القادمة إلى ألمانيا، لمجرد
وصولها هربت منه إلى مركز مكافحة العنف
لتتحرر منه، إلا أنها ظلت تحن لماض لم
تتنصل منه فحبها للتعددية والعلاقات
العابرة يتجاوز احساسها كأم تجاه طفلها
وطفلتها، ولم تتوانى على نهج أمها من
استقبال الرجال تلبية
. لنداء الرغبة التي
قوضت حياتها فباتت ضحية اكتئاب شديد.
قطع شرودها مجيء
كاتيا،
أهلاً
وسهلاً بك حبيبتي،
نتحدث بعد الغداء لاشك أنك جائعة-
.شكرا
لك-
:بعد
تناول الغداء بدأت كاتيا بسؤالها
حدثني
ضياء عنك، انك متضايقة،تريدين التنازل
عن ولديك
لأبيهم لماذا يا ترى؟-
،
لقد تعبت الأولاد طلباتهم كثيرة وأنا
من حقي أن أعيش لنفسي كأي امرأة
متحضرة، لست ملزمة بإتلاف نفسي وسعادتي
لأجل أطفال سيكبرون ويلتفتون لشؤونهم،
هل سيقولون أنه كانت لنا أم مضحية وعانت
واعتزلت الحياة لأجلنا، الأولاد اليوم
عزيزتي أنانيون جداً ومتطفلون أكثر من
اللازم ،لم أختر هذا الزواج ولم أشأ
أصلاً أن يأتي هؤلاء إلى
الحياة لكن ماحدث قد حدث.
لكنك
هنا في بلد آمنة بإمكانك العمل، تنظيم
حياتك. -
ًنعم
لكن بعد أن أضع طفلي جانباً
،وعدني ضياء بأن يساعدني
وأنت مثل أختي، وهو
مثل أخي
لسنا كما
يشاع عنا مؤسسة خيرية نحن نساعد
الآخرين قدر المستطاع وهذا
معروف عنا و يمكنني
الاعتناء بك لوقت محدد
لكني لا أستطيع أن أعدك بالكثير إلا إن
رأيت استعدادك لتقدمي لنا
بالمثل ، والأيام القادمة ربما ستكون
حبلى بالمفاجآت السارة لك ولنا
. من يدري
سأبوح
لك بما في داخلي ولتكن هذه مقدمة التقارب
فيما بيننا، لأني ارتحت لك من قلبي ،
في الحقيقة أنا أحب شخصاً
متزوجاً، تواصل
معي في البداية، وشعرت واستمتاعه في
الحديث معي لكنه في الآونة الأخيرة
وبشكل تدريجي لم يعد يهتم
بي، وأنا باتت حياتي وأماني
وفرحي كله مرتبطة به
من
هو هذا الشخص وكيف بإمكاني مساعدتك-
اسمه عرفان
،لديه متجر أحذية ،كنت
أتردد إليه ومن خلال أخذ ورد تعرفت
عليه،رقيه, وسامته
و تهذيبه جعلني
أقع في حبه
:صارحته
بذلك فقال:
أنا
لست أهلاً لهكذا قصص، لي
عائلة ولن أخونها،سامحيني.
عرفان ذاته ابن
عبد المولى صاحب متجر الأحذية
الواقع في السوق القديمة للمدينة، أعرف
زوجته جيداً، و أحياناً
نتواصل معاً -
.ماذا
تفيدني معرفتك بها.
زوجته
مغرورة جداً، ومعتزة
بنفسها بلا حدود ولا يعجبني ذلك
فيها، ربما جاءت لحظة
تمريغ انفها-
تعني
ستساعدينني
لتحييدها وكذلك لفتح الطريق لي علني أصل
لقلب عرفان -
:قالت
بخبث
لا
لن أفعل-
أرجوك
-
ماذا
كنت تعملين في سوريا حدثيني عن نفسك أولاً
لأرى ان كان بالإمكان مساعدتك-
راحت
تسرد له حكايتها منذ أن
عرفت الحياة لحين استقرار المقام بها في
ألمانيا،بعد
ان انتهت ندى
من سرد حكايتها لها
،تنفست
: ندى
الصعداء ثم تبسمت، غمضت احدى عينيها وقالت
ًلست
سهلة أبداً ،ولأنك
كشفت لي ما بقلبك ،ولا أصعب
علي أو على ضياء أن نرى انسانة مثلك والأكثر
من ذلك أنها عاشقة أن نراها تذوي كالشمعة
أمام عينينا دون أن نفعل لها شيئاً
نخفف به مصابها
ستكونين
لي بمثابة أختي الصغرى وسأجعلك تحصلين
على قلب عرفان وسننال من زوجته المتسلطة
المغرورة تلك، ذات الوجه
ً
العبوس الذي لا يضحك للخبز الساخن ،اطمئني،
صحيح أن علاقتي بها سطحية إلا أنني سأحدثها
أولا
فقد
أخبرتني ان الشقة التي تقع أسفل شقتها
فارغة عسى يكون لك حظ فتكونين جارة حبيبك،
ابتسمت ندى ملء شفاهها
الكبيرة
حقاً
سأركع تحت قدميك وأكون يدك وظلك وعبدتك
مدى الحياة ان جعلتني أصل إليه.
،أمسكت
كاتيا يديها بحنو
لاتقلقي
عزيزتي كل شيء سيكون مثلما تريدين، الآن
سأبوح لك بأمر مهم ،ستوشمين
صدرك باسمه ،ليكن بارزاً
بالقرب من نهديك.
لماذا
أهو ضروري. -
.ًنعم
ليكن وشما مؤقتا
بل
سيكون دائماً لأنك لاتعلمين
مدى عشقي لعرفان.-
مجنونة-
لأكن-
بعد
برهة من خروج ندى من بيتها
هاتفت زوجة عرفان
كم
أنا عاتبة عليك سلوى ،لماذا
لاتسألين عني ألسنا صديقتين-
مشاغل الحياة انها
حائل بين أن نفكر لو قليلاً
بمحادثة اصدقاءنا. -
لا
عليك عزيزتي، ببالي سؤال حول
أمر بات ملحاً أكثر من أي وقت الآن،
لقد أخبرتني قبلاً ان الشقة
التي تقع أسفل بيتكم شاغرة،
. أما
زالت هكذا
لا
أعتقد عزيزتي فقد سمعت من جارتي الاسبانية
ان عائلة إيرانية استأجرتها -
ياللخسارة
-
لا
تقلقي سأحاول أن
أتواصل مع بعض معارفنا علهم يلبون حاجتك-
ًطيب
غاليتي.
أشكرك، جرس بابنا
يرن نتواصل لاحقا-
مع
السلامة. -
.كوني
بخير وسلامي لعرفان وقبلاتي لأطفالك.-
بعد
بضعة أيام جاءت ندى برفقة
ضياء ولم تكن كاتيا في
البيت، فتحدثا:
عرفان
رجل رائع وطيب وساذج وباصرارك وكفاحك في
نيل قلبه ستحصلين على مبتغاك رغم انني
لست مع هذا الحب،كوني
ً
واقعية وان عملت معي ستستمتعين وكذلك
ستكسبين مالا.
وماذا
سيكون عملي ،ستجعلني
سكرتيرة مثلا في مكتبك. -
عملك
سيكون اصطياد الرجال الذين ليسوا على
وفاق مع زوجاتهم، هؤلاء ليسوا مندمجين
كفاية في هذا المجتمع؛ أغلبهم لايزال
على السوسيال، كسالى لا يعملون، ينجبون
الأطفال هنا ليحصلوا على مرتباتهم من
الدولة ويعيشوا من خلالها، صار لهم أكثر
من سبع سنوات هنا في ألمانيا وبالكاد
يعرفون أن يقولوا صباح الخير بالألمانية.
يستشيرونني في
كل شاردة وواردة، ترجمة أوراقهم مرافقتهم
إلى الدوائر بقي ان يستأذنونني قبل الذهاب
لقضاء حاجتهم أو النوم مع
زوجاتهم، شيء مقرف لكن قد يكون ذو فائدة
علينا.
ضحكت ندى
بجنون فاتحة فمها العريض كسمك القرش
قائلة:
تريدني أن أكون
هدامة للبيوت.-
أيها
اللعين وأكملت ضحكها الهستيري الذي قاطعته
وقع أقدام كاتيا، لحين
فتحها باب الشقة بالمفتاح ودخولها
للصالون.
.مرحبا
ضحكتك رجت البناية رجا مابك.
-
تعالي واسمعي
زوجك ماذا يقول. -
قبل
ذلك اريد اخبارك بأمر ،للأسف
تم استئجار تلك الشقة.
امتقع
وجه ندى فجأة كأنها سمعت
نبأ موت أمها وباستياء
قالت:
والآن
ما الحل. ؟
سأعطيك عنوان منزل
عرفان، حين تصلين الشقة التي تقع في الطابق
الثاني جهة اليمين ستقولين اني أبحث عن
عنوان ما ثم اردت سؤالكم
كوني اعتقدت انكم سوريون مثلي وهكذا
ستدخلين البيت، لتتعرفين على زوجته، اياك
ان تجعليها تشك بشيء، قولي له خطيبي تركني
حديثاً ثم البسي شيئا يكشف
وشمك الجميل هذا
ثم
لاتطيلي المكوث، عليك الخروج
ًعندما
يكون عرفان في البيت عليك أن تمعني النظر
لعينيه من ثم تخرجين حالا.
هل
هذه الطريقة مضمونة، أشعر بالارتباك،
ماذا سيفيدني ذلك. -
افعلي
ما أقوله لك دون نقاش ،استعدي،
في المساء ستذهبين إلى الشقة-.
:ضياء أضاف
حدثت
قبل البارحة عرفان عبر الواتس بخصوصك ،من
ضرورة اللقاء به لكنه رفض قال اني لا أحب
اللقاء بك واستهلاك لو
ثوانٍ للتحدث بخصوص تلك المرأة ، لا
تعاود الحديث معي بخصوصها ثم حظرني، حظوظك
مع هذا الرجل قليلة لكن سنحاول
. أن.
نخدمك فأنت امرأة
تستحق كل خير
أشكرك
خيراً ان شاء الله-
خرجت
كاتيا من المنزل، مشت
لدقائق حتى وصلت موقف الباص، قلبها يدق
بسرعة، تصفحت الفيسبوك، تفحصت الواتس
آب، تحدثت في نفسها:
!لا
أزال محظورة، لما لا سأعرف شغلي معك.
يا عرفان
أفندي
مضت الساعات ببطء
شديد، كانت الدقائق شهوراً
بالنسبة لندى السجينة في
قبو حبها العميق فراحت تجهز نفسها وتهم
بالخروج من منزلها متوجهة للعنوان الذي
أعطته اياها كاتيا.
،بوصولها
للمبنى هطل مطر غزير، ضغطت
عدة أجراس ذلك المبنى ففتح
أحدهم وتساءل آخر
من
يرن من فضلك؟-
لا
إجابة صعدت الطابق الثاني جهة اليمين:
دقت جرس الشقة، فتحت
سلوى:
مرحبا
لقد أخطأت في العنوان، وجئت اسألك،
تتحدثين العربية أليس كذلك؟
نعم
تفضلي.
لقد
أرشدني ضياء لهذا المبنى. -
.تفضلي
للداخل. البيت
بيتك -
راحت
تتسمر في الجدران، وتتمعن في صورة عرفان
وزوجته في حفل زفافهما،
وكذلك صورة طفليها.ثم
أردفت
خطيبي
تركني وأخرجني من سيارته عنوة،
قذف بي للشارع، هطل المطر، فلم أجد غير
المبنى للدخول إليه -
علي
الخروج الآن متى سيأتي زوجك؟
انه
في العمل وسيعود للمنزل بعد قليل.
-
.اذن سأخرج،
أعتذر عن الازعاج.-
لتوك
جئت، لنشرب قهوة على الأقل-
لا سأخرج-
كما
تشائين-
توجست
سلوى من هذه الضيفة الطارئة المرتبكة،
لاسيما وانها أتت بذكر ضياء زوج كاتيا،
فهمّت
تتصل بها لتستفسر منها
: بخصوصها
فقالت لها:
هذه
المرأة تعاني من اختلال نفسي، تركت زوجها
وأطفالها،وراحت تنغمس في العلاقات العابرة
مع الرجال، احترسي منها
. وحافظي على زوجك.
لكن كيف اهتدت
لعنوان البيت ولماذا أنا؟
لا
أعرف صديقتي علمي علمك. -
على
كل شكراً لك تصبحين على
خير-
وأنت
بخير.-
راحت
تفكر،من تكون هذه المرأة؛ ما هذا الوشم،
لم تتمكن جيداً من
قراءته.
حاولت
فهم ذلك من زوجها.
. أخبرني
بصراحة يا عرفان من تكون ندى
أخبرني ماسبب قدومها
لقد
تعرفت عليها حين جاءت لأول مرة لشراء زوج
من الأحذية. ،من
ثم جلست،شعرت ان بداخلها كلاماً
،ستقوله
قلت
لها مابك
قالت
لا شيء مرهقة .
كأنها
لم تأتي كزبونة وانما كامرأة لديها ما
تود قوله:
قالت
لي انها وحيدة وتمر بأزمة مالية، ثم باتت
تحدثني عن طليقها وبعد ذلك قصة زواجها
وحياتها وطفولتها الشقية.
كل
ذلك بعد ان بدأت تتواصل معي عبر حسابي على
الفيسبوك وصفحة المتجر، قالت انها بحاجة
للصداقة ومن يسمعها فقط فقلت
. لا مشكلة.
وبعد أن شعرت
بغرابة تصرفاتها وترددها
الكثير على المتجر دون أن تشتري شيئاً ،
وبدأت تحاصرني بنظراتها
واطالتها في التمعن بي، شعرت بالريبة قلت
لها:
.هل
هناك شيء-
قالت
وبشكل مباشر ودون ممهدات حينما
اقتربت
قبالة الطاولة: هل
أنت سعيد مع زوجتك.
قلت
نعم ولدي منها اطفال وهذه صورهم.
-
قالت بعين
دامعة تظاهرت بإخفاءها : رعاهم
الله، وبارك الله بزواجكم وحياتكم الآمنة.
ثم واصلت النظر
بي، راحت تتصل بي، وتطلب لقاءي، وعندما
قالت أنا احبك وأريدك أن
تشعر بي؛ لا تسىء فهمي، لكن افهمني
. انا ضعيفة أمامك
ماذا أفعل آه لو تشعر بي.
.قد
يكون من الأفضل ألا نتواصل مع بعضنا أتمنى
لك الخير والتوفيق في حياتك -
ثم
قمت بحظرها ،راحت تكتب
لي جرائد كل صباح وفي الليل، أحظرها من
رقم فتكاتبني من آخر، ولا تدخر نافذة
افتراضية إلا وتحاول عبره التسلل إلي،
مرة تشتمني، مرة تمازحني، مرة تكتب كلاماً
جنسياً وآخر غير مفهوم وتصنع عدة
حسابات بغية
. الحديث معي واقناعي
بإقامة علاقة معها لكني كنت في كل مرة
أقوم بحظرها.
الا
أن قام ضياء بالتواصل معي، قال ان ثمة
موضوع ضروري لا يحتمل التأجيل يتعلق بندى
،يجب ان يلتقيني لأجله
.فرفضت
وعند اصراره حظرته هو الآخر.
شعرت
ان ثمة شيئاً يبعث على
الريبة والقلق. لم
أك مرتاحاً ولم أشأ ان
أحدثك بما يجري معي كي لا تدخلي في ذات
الدوامة.
كان
عليك اخباري ثم "وبصوت
شبه مرتفع" لماذا
استقبلتها وقبلت صداقتها وتواصلت مع هذه
الساقطة. ثم
ولمَ منذ
البداية لم تخبرني وأين هي تلك الأرقام
والمحادثات أريد أن أراها، قالت محتدة
لم
تكن في البداية هكذا، وكانت تلك المرة
الأولى التي يحدث معي فيها هكذا موقف،
خشيت من إخبارك، تعاملت مع الموقف بشكل
منفرد ربما هذا خطأي وأنا أعتذر لك جداً
بسبب اخفاءي لهذا الموضوع،
أصلاً لم أتوقع أن يتطور
الأمر ويصل بها الأمر لتطرق بابي، لاشك
أنها مرسلة
من أحدهم ، لكني لا أعرف، لا أشك حالياً
بأحد ، من يكون له مصلحة في ذلك
ثم
حين
استقبلتها انت هل عرفت انها ساقطة.
.سكتت سلوى،
دخلت في متاهة من الحيرة
والحنق الذي تجاهد نفسها لعدم خروجه
عادت ندى للبيت، راحت تتصل بكاتيا، لقد أنجزت المهمة مالذي سيسفر عنها برأيك.
:ستبدأ مشاكلهما
سأعطيك رقم سلوى بعد اسبوع ستحدثينها
لتخبريها التالي-
زوجك
مارس معي العلاقة الحميمة، كان سبباً
رئيساً في تركي لزوجي
وأطفالي، أقنعني بضرورة تركهم كي يتزوجني،
وأنا وثقت به،طلب مني مالاً،
قال اني أمر بضائقة مادية،فقلت بما أننا
واحد فلا فرق بيننا سأبيع ذهبي وأعطيك
المال فأخذ مني كل شيء بل جعلني أوشم اسمه
على صدري،زوجك لا يحبك،يحبني أنا ويموت
علي،كان يقول لي حين أكون في حضنك فإنني
أنسى همي وحزني وأشعر بفرح عظيم وراحة لا
حدود لها.
فإن
كنت لاتحبينه، لا تكوني سبباً
يحول دون ان يرجع إلي وان كنتما متآمران
علي فلن أسامحكما زوجك اغتصبني وراء عباءة
. الحب، ليعيد ما
أخذه مني على الأقل.
طيب
سأفعل-
بعد
مرور اسبوع كتبت ليلى لسلوى ما أوصت به
كاتيا
أجابت:
-كم
من المال أخذه زوجي منك وما الدليل على
أن ما تقولينه صحيح؟
سكتت
ولم تجب.
لم
تنتهي محاولات ندى في
التحدث سواء لزوجة عرفان التي قامت بحظره
أو لعرفان.
وبعد
مضي عدة شهور جاءت رسالة فيسبوك من
قبل كاتيا الى حساب عرفان:
مرحبا
!لماذا
تعاود حظر ندى.
هذه الرسالة
أرسلها عرفان لزوجته كصورة
علها تراجع حساباتها ويبطل
شكها به.
صعقت
سلوى حين رأت الرسالة،لماذا ترسل كاتيا
هذه الرسالة لزوجها، لماذا تطلب منه
التواصل معها وهي التي قالت عن
ندى انها ذات سوابق وتعاني من خلل.
تذكرت وقت طلبت
كاتيا منها العثور على شقة شاغرة لأجل
قريبتها، وتوجسها من مجيء ندى
لبيتها من ثم محاولاتها المتكررة في
التواصل معه لدرجة أنها اعتقدت
أن لم يعد من الممكن ان تعود لعرفان
كسابق عهدها بعد تحطم جدار
الثقة بينهما
لكنها
وبعد فهمها لهذا التآمر ومحاولة التكسب
من خلال التفريق بين الناس،
أرسلت سلوى لكاتيا تلك الصورتين التي محتواها ذاك السؤال عن سبب حظر عرفان لندى ، لم تعرف كاتيا ماذا تقول راحت تزبد وترعد وتنكر ضلوعها بهذه القصة وقالت أن ندى كانت في بيتها وقد كتبت هي لزوجك عرفان عبر حسابي رسالة ثم راحت ثم
: راحت
تتصل ودار بينهما جدل راحت سلوى فيه تصغي
أكثر مما تتكلم
قولي
لزوجك ألا يحاول إيذاءنا بلسانه وإخبار
الناس التي تحترمنا بما جرى وفق هواه،
قسماً سأبتر لسانه، وأضافت المال الذي
سلبه زوجك من ندى يجب أن يعاد فوراً ، راحت
تهذي بكلام يشي بالتهديد وآخر بعدم فضحها،
وكلام آخر يشي بالود ختمته
. بمقولة
نحن لا علاقة لنا بزوجك وبندى وسلامي لك
ولزوجك والعائلة
شعر
عرفان بالغبطة بأن تكشفت خيوط تلك المؤامرة
فتواصل مع صديق طفولته القاص مصطفى
السعيد ليقص له ما كان
ولسنة كاملة يقض مضجعه من وراء فساد اثنين
ظاهرهم أنهم
يعملون لأجل مساعدة اللاجئين في الاندماج
أما حقيقة الأمر فإنهم يمارسون الفساد
وتدمير بقايا مجتمع بالكاد خرج من وطن
الدم عله يحظى بحياة أفضل له ومستقبل
يسوده الأمن والسلام لأبناءه،
. ليغدو
بعضه سيء الحظ ضحية ابتزاز أمثال هؤلاء،
فوعده خيراً بكتابة تلك القصة التي لربما
تعيد اعتباره،
ندى
انطبق عليها المثل ذهبت النعامة لتبحث
عن قرنين فعادت بلا أذنين ، واضطرت لتناسي
عرفان وقبول عرض ضياء وكاتيا
في أداء هذه المهمات متسلحة برأي ضياء
حين قال لها:
هؤلاء
الرجال الذين أرسلك إليهم لتقضي وقتاً
معهم يعيشون علاقات واهنة مع زوجاتهم
وسيذهبون جريرة ضعفهم الغريزي
. تجاهك كأنثى فلا تحزني عليهم. ، وشيء مهم لا بد من وجود إثباتات ومستندات صور فيديوهات ، يمكن من خلالها ابتزاز
. هؤلاء لإجبارهم على الدفع أو إرغامهم على الإنضمام لشبكتنا ونسيجنا الصقيل، أي مهمة دون مستمسكات فهي هراء،
أضافت
كاتيا بنبرة فيها تحسر وتذمر
لم
نجني من عرفان شيئاً، ها قد
عادت مياهه
مع سلوى إلى مجاريها، وخسرت هذه المعركة
عن جدارة
قاطعها
ضياء لدينا أعمال أهم وأكثر يسراً ولدينا
جولات كثيرة سنغنمها بالتأكيد مع هؤلاء
الدواب
فامتدت
يدا ندى وضياء لتتصافحا
بحرارة وراحت يد كاتيا
الثالثة تقبض بحنو على اليدين
المتصافحتين مباركة هذا الاتفاق
. المستمد نسيجه من جمال ووهن بيت العنكبوت.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق